قوله :﴿ وأما من بخل ﴾ أي بالنّفقة في الخير والطاعة ﴿ واستغنى ﴾ أي عن ثواب الله تعالى فلم يرغب فيه ﴿ وكذب بالحسنى ﴾ أي بلا إله إلا الله أو كذب بما وعده الله من الجنة والثواب ﴿ فسنيسره للعسرى ﴾ أي فسنيهئه للشّر بأن نجريه على يديه حتى يعمل بما لا يرضى الله تعالى فيستوجب بذلك النار، وقيل نعسر عليه أن يأتي خيراً وفي الآية دليل لأهل السّنة وصحة قولهم في القدر وأن التّوفيق والخذلان والسّعادة والشّقاوة بيد الله تعالى، ووجوب العمل بما سبق له في الأزل ( ق ) عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال :" كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا رسول الله ( ﷺ ) فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة فنكس، وجعل ينكت بمخصرته ثم قال ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة " زاد مسلم " وإلا وقد كتبت شقية أو سعيدة فقالوا : يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل فقال اعملوا فكل ميسر لما خلق له أما من كان من أهل السّعادة فيصير لعمل أهل السّعادة وأما من كان من أهل الشّقاوة، فيصير لعمل أهل الشّقاوة ثم قرأ ﴿ فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى، وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى ﴾ " المخصرة بكسر الميم كالسّوط والعصا، ونحو ذلك مما يمسكه الإنسان بيده، والنكت بالتاء المثناة فوق ضرب الأرض بذلك أو غيرها مما يؤثر فيه الضرب، وهذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق، وذلك أنه اشترى بلالاً من أمية بن خلف ببردة وعشرة أواق فأعتقه، فأنزل الله تعالى ﴿ والليل إذا يغشى ﴾ إلى قوله ﴿ إن سعيكم لشتى ﴾ يعني سعي أبي بكر وأمية بن خلف، وقيل كان لرجل من الأنصار نخلة وفرعها في دار رجل فقير وله عيال، فكان صاحب النخلة إذا طلع نخلته ليأخذ منها التمر فربما سقطت التمرة، فيأخذها صبيان ذلك الفقير، فينزل الرجل عن نخلته حتى يأخذ التمرة من أيديهم وإن وجدها في فم أحدهم أدخل


الصفحة التالية
Icon