﴿ وَمَا يُغْنِى عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تردى ﴾ ولم ينفعه ماله إذا هلك، وتردى تفعّل من الردى وهو الهلاك، أو تردى في القبر أو في قعر جهنم أي سقط ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا للهدى ﴾ إن علينا الإرشاد إلى الحق بنصب الدلائل وبيان الشرائع ﴿ وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ والأولى ﴾ فلا يضرنا ضلال من ضل ولا ينفعنا اهتداء من اهتدى، أو أنهما لنا فمن طلبهما من غيرنا فقد أخطأ الطريق ﴿ فَأَنذَرْتُكُمْ ﴾ خوفتكم ﴿ نَاراً تلظى ﴾ تتلهب ﴿ لاَ يصلاها ﴾ لا يدخلها للخلود فيها ﴿ إِلاَّ الأشقى الذى كَذَّبَ وتولى ﴾ إلا الكافر الذي كذب الرسل وأعرض عن الإيمان ﴿ وَسَيُجَنَّبُهَا ﴾ وسيبعد منها ﴿ الأتقى ﴾ المؤمن ﴿ الذى يُؤْتِى مَالَهُ ﴾ للفقراء ﴿ يتزكى ﴾ من الزكاء أي يطلب أن يكون عند الله زاكياً لا يريد به رياء ولا سمعة، أو يتفعل من الزكاة و ﴿ يتزكى ﴾ إن جعلته بدلاً من ﴿ يؤتى ﴾ فلا محل له لأنه داخل في حكم الصلة، والصلاة لا محل لها، وإن جعلته حالاً من الضمير في ﴿ يؤتى ﴾ فمحله النصب.
قال أبو عبيدة : الأشقى بمعنى الشقي وهو الكافر، والأتقى بمعنى التقي وهو المؤمن لأنه لا يختصر بالصلى أشقى الأشقياء، ولا بالنجاة أتقى الأتقياء، وإن زعمت أنه نكر النار فأراد ناراً مخصوصة بالأشقى فما تصنع بقوله :﴿ وَسَيُجَنَّبُهَا الأتقى ﴾، لأن التقي يجنب تلك النار المخصوصة لا الأتقى منهم خاصة، وقيل : الآية واردة في الموازنة بين حالتي عظيم من المشركين وعظيم من المؤمنين، فأريد أن يبالغ في صفتيها، فقيل ﴿ الأشقى ﴾ وجعل مختصاً بالصلي كأن النار لم تخلق إلا له، وقيل الأتقى وجعل مختصاً بالنجاة كأن الجنة لم تخلق إلا له، وقيل : هما أبو جهل وأبو بكر.


الصفحة التالية
Icon