﴿وما﴾ بمعنى من أي، ومن ﴿خلق الذكر والأنثى﴾، أي : فيكون قد أقسم بنفسه، أو مصدرية، أي : وخلق الله الذكر والأنثى وجاز إضمار اسم الله تعالى لأنه معلوم لانفراده بالخلق ؛ إذ لا خالق سواه والذكر والأنثى آدم وحوّاء عليهما السلام، أو كل ذكر وأنثى من سائر الحيوانات. والخنثى وإن أشكل أمره عندنا فهو عند الله تعالى غير مشكل معلوم بالذكورة أو الأنوثة، فلو حلف بالطلاق أنه لم يلق ذكراً ولا أنثى وقد لقي خنثى مشكلاً كان حانثاً، لأنه في الحقيقة ذكر أو أنثى وإن كان مشكلاً عندنا. وقيل : كل ذكر وأنثى من الآدميين فقط لاختصاصهم بولاية الله تعالى وطاعته.
وقوله تعالى :﴿إنّ سعيكم﴾، أي : عملكم ﴿لشتى﴾ جواب القسم، والمعنى : أنّ أعمالكم لتختلف، فعامل للجنة بالطاعة وعامل للنار بالمعصية، ويجوز أن يكون محذوفاً كما قيل في نظائره المتقدّمة، وشتى : واحده شتيت مثل : مريض ومرضى، وإنما قيل : للمختلف شتى : لتباعد ما بين بعضه وبعضه، أي : إنّ عملكم المتباعد بعضه من بعض لشتى ؛ لأنّ بعضه ضلال وبعضه هدى، أي : فيكم مؤمن وبر وكافر وفاجر، ومطيع وعاص. وقيل : لشتى، أي : لمختلف الجزاء، فمنكم مثاب بالجنة ومعاقب بالنار. وقيل : لمختلف الأخلاق فمنكم راحمٌ وقاسٍ وحليمٌ وطائشٌ وجوادٌ وبخيل قال بعض المفسرين : نزلت هذه الآية في أبي بكر وأبي سفيان بن حرب. وروى أبو مالك الأشعري "أنّ رسول الله ﷺ قال : كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها"، أي : مهلكها.
وقوله تعالى :﴿فأمّا من أعطى﴾، أي : وقع منه إعطاء على ما حدّدناه له وأمرناه به ﴿واتقى﴾، أي : ووقعت منه التقوى، وهي إيجاد الوقايات من الطاعات واجتناب المعاصي خوفاً من سطواتنا.
﴿وصدّق بالحسنى﴾ تفصيل مبين لتشتيت المساعي. واختلف في الحسنى فقال ابن عباس: ، أي : بلا إله إلا الله. وقال مجاهد : بالجنة لقوله تعالى :﴿للذين أحسنوا الحسنى﴾ (يونس :)