قال أبو عبيدة : الأشقى بمعنى الشقي وهو الكافر، والأتقى بمعنى التقي وهو المؤمن، لأنه لا يختص بالصّلي أشقى الأشقياء، ولا يختصّ بالنجاة أتقى الأتقياء، ولا يقال إنه أراد نارا مخصوصة بالأشقى، لأن هذه النار نفسها هي التي يجنبها الأتقى فلأن يجنب غيرها من باب أولى.
"وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ" أي أبي بكر لأن هذه السورة نزلت في حقه وفي بطل أمية، والذي يؤيد نزولها، ما رواه سعيد بن المسيب قال : بلغني أن أمية بن خلف قال لأبي بكر في بلال حين قال له : أتبيعه، قال بفسطاس، عبد لأبي بكر وكان صاحب عشرة آلاف دينار وغلمان وجواري ومواشي.
وكان مشركا، وقد حمله أبو بكر على الإسلام على أن يكون ماله له فأبى فأبغضه، فلما قال له أمية :
أتبيعه بغلامك فسطاس، اغتنمه أبو بكر وباعه، فقال المشركون : ما فعل ذلك إلا ليد كانت له عنده فأنزل اللّه هذه الآية تكذيبا لهم بقوله : ليس لأحد عند أبي بكر "نِعْمَةٍ تُجْزى ١٩".
مطلب في أبي بكر رضي اللّه عنه وأمية غضب اللّه عليه :
وقد أجمع المفسرون على عود الضمير لأبي بكر، وان ليس لفسطاس ولا لبلال ولا لغيرهما عنده نعمة سابقة يكافئه عليها بالإعتاق، وان السياق والسباق يؤيده لذلك فإن من قال أن الضمير في عنده يعود إلى اللّه أراد أنه ينعم على عبده تفضلا منه، وهو كذلك.
إلا أنه بعيد عن المغزى مخطئ المرمى، لما فيه من نفي التخصيص بأبي بكر وجعل الآية عامة في المؤمن والكافر، لأن نعمة اللّه غير مقصورة على أحد ولكنها على المؤمن نعمة حالا ومآلا، وعلى الكافر في الدنيا فقط لأنها نقمة عليه في الآخرة استيفاء لما يقع من الخير على يده كي يلقى اللّه ولا حسنة له.
وليعلم انه ما فعل أبو بكر ما فعله من الاعتاق "إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى ٢٠" أي طلب مرضاته لا غير


الصفحة التالية
Icon