والذي يشهد له القرآن هو الأخير لقوله تعالى :﴿ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى وَزِيَادَةٌ ﴾ [ يونس : ٢٦ ]، فقالوا : الحسنى هي الجنة، والزيادة النظر إلى وجهه الكريم، وهذا المعنى يشمل كل المعاني لأنها أحسن خلف لكل ما يتفق العبد، وخير وأحسن مجازاة على أي عمل مهما كان، ولا يتوصل إليها إلا بلا إله إلا الله.
وقوله :﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لليسرى ﴾ وقوله :﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ للعسرى ﴾ بعد ذكر أعطى واتقى في الأولى، وبخل واستغنى في الثانية.
قيل : هو دلالة على أن فعل الطاعة ييسر إلى طاعة أخرى، وفعل المعصية يدفع إلى معصية أخرى.
قال ابن كثير : مثل قوله تعالى :﴿ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [ الأنعام : ١١٠ ].
ثم قال : والآيات في هذا المعنى كثيرة، دالة على أن الله عزّ وجلّ، يجازي من قصد الخير بالتوفيق له، ومن قصد الشر بالخذلان، وكل ذلك بقدر مقدر.
والأحاديث الدالة على ذلك كثيرة. وذكر عن أبي بكر عند أحمد، وعن علي عند البخاري، وعبد الله عمر عند أحمد، وعدد كثير بروايات متعددة، أشملها وأصحها حديث علي عند البخاري قال علي :" كنا مع النبيِّ ﷺ في بقيع الغرقد في جنازة فقال :" ما منكم من أحد إلاّ وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار " فقالوا : يا رسول الله، أفلا نتكل؟ " فقال :" اعملوا فكل ميسر لما خلق له "، ثم قرأ ﴿ فَأَمَّا مَنْ أعطى واتقى وَصَدَّقَ بالحسنى فَسَنُيَسِّرُهُ لليسرى ﴾ [ الليل٥-٧ ] -إلى قوله- ﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ للعسرى ﴾ [ الليل : ١٠ ] فهي من الآيات التي لها تعلق ببحث القدر.
وتقدم مراراً بحث هذه المسألة. والعلم عند الله تعالى.
تنبيه


الصفحة التالية
Icon