رد على من بخل واستغنى، وما هنا يمكن أن تكون نافية أي لا يغني عنه شيء، كما في قوله :﴿ مَآ أغنى عَنِّي مَالِيَهْ ﴾ [ الحاقة : ٢٨ ] وقوله :﴿ يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ ﴾ [ الشعراء : ٨٨ ].
ويمكن أن تكون استفهمية وقوله :﴿ إِذَا تردى ﴾ أي في النار عياذاً بالله، أو تردى في أعماله، فمآله إلى النار بسبب بخله في الدنيا، كما يشهد له قوله تعالى :﴿ وَلاَ يَحْسَبَنَّ الذين يَبْخَلُونَ بِمَآ آتَاهُمُ الله مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ القيامة ﴾ [ آل عمران : ١٨٠ ] الآية.
إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (١٢)
فيه للعلماء أوجه، منها : إن طريق الهدى وموصل علينا بخلاف الضلال.
ومنها : التزام الله للخلق عليه لهم الهدى، وهذا الوجه محل إشكال، إذ أن بعض الخلق لم يهدهم الله.
وقد بحث هذا الأمر الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في دفع إبهام الاضطراب، من أن الجواب عليه من حيث إن الهدى عام وخاص. والله تعالى أعلم.
وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (١٣)
أي بكمال التصرف والمر، وقد بينه تعالى في سورة الفاتحة ﴿ الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين ﴾ [ الفاتحة : ٢ ]، أي المتصرف في الدنيا ﴿ مالك يَوْمِ الدين ﴾ [ الفاتحة : ٤ ]، أي المتصرف في الآخرة وحده ﴿ لِّمَنِ الملك اليوم لِلَّهِ الواحد القهار ﴾ [ غافر : ١٦ ].
وهذا كدليل على تيسيره لعباده إلى ما يشاء في الدنيا، ومجازاتهم بما شاء في الآخرة.
فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (١٤)
أي تتلظى، واللظى : اللهب الخالص، وفي وصف النار هنا بتلظى مع أن لها صفات عديدة منها : السعير، وسقر، والجحيم، والهاوية، وغير ذلك.


الصفحة التالية
Icon