وقال: المريد إذا سمع شيئا من علوم القوم فعمل به: صار حكمة في قلبه إلى آخر عمره ينتفع به وإذا تكلم انتفع به من سمعه ومن سمع شيئا من علومهم ولم يعمل به كان حكاية يحفظها أياما ثم ينساها وقال الواسطي: أول مقام المريد: إرادة الحق بإسقاط إرادته وقال يحيى بن معاذ: أشد شيء على المريد: معاشرة الأضداد وسئل الجنيد: ما للمريد حظ في مجازات الحكايات فقال: الحكايات جند من جند الله يثبت الله بها قلوب المريدين ثم قرأ قوله تعالى: ﴿وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾ [ هود: ١٢٠ ] وقد ذكر عن الجنيد كلمتان في الإرادة مجملتان تحتاج كل منهما إلى تفسير الكلمة الواحدة: قال أبو عبدالرحمن السلمي: سمعت محمد بن مخلد يقول: سمعت جعفرا يقول: سمعت الجنيد يقول: المريد الصادق غني من العلماء وقال أيضا: سمعت الجنيد يقول: إذا أراد الله بالمريد خيرا: أوقعه إلى الصوفيه ومنعه صحبة القراء قلت: إذا صدق المريد وصح عقد صدقه مع الله: فتح الله على قلبه ببركة الصدق وحسن المعاملة مع الله: ما يغنيه عن العلوم التي هي نتائج أفكار الناس وآرائهم وعن العلوم التي هي فضلة ليست من زاد القبر وعن كثير من إشارات الصوفية وعلومهم التي أفنوا فيها أعمارهم: من معرفة النفس وآفاتها وعيوبها ومعرفة مفسدات الأعمال وأحكام السلوك فإن حال صدقه وصحة طلبه: يريه ذلك كله بالفعل
ومثال ذلك: رجل قاعد في البلد يدأب ليله ونهاره في علم منازل الطريق وعقباتها وأوديتها ومواضع المتاهات فيها والموارد والمفاوز وآخر: حمله الوجد وصدق الإرادة على أن ركب الطريق وسار فيها فصدقه يغنيه عن علم ذلك القاعد ويريه إياها في سلوكه عيانا