وأما أن يغنيه صدق إرادته عن علم الحلال والحرام وأحكام الأمر والنهي ومعرفة العبادات وشروطها وواجباتها ومبطلاتها وعن علم أحكام الله ورسوله على ظاهره وباطنه: فقد أعاذ الله من هو دون الجنيد من ذلك فضلا عن سيد الطائفة وإمامها وإنما يقول ذلك قطاع الطريق وزنادقة الصوفية وملاحدتهم الذين لا يرون اتباع الرسول شرطا في الطريق وأيضا فإن المريد الصادق: يفتح الله على قلبه وينوره بنور من عنده مضاف إليها معه من نور العلم يعرف به كثيرا من أمر دينه فيستغني به عن كثير من علم الناس فإن العلم نور وقلب الصادق ممتلىء بنور الصدق ومعه نور الإيمان والنور يهدي إلى النور والجنيد أخبر بهذا عن حاله وهذا أمر جزئي ليس على عمومه بل صدقه يغنيه عن كثير من العلم وأما عن جملة العلم: فكلام أبي القاسم الثابت عنه في ضرورة الصادق إلى العلم وأنه لا يفلح من لم يكن له علم وأن طريق القوم مقيدة بالعلم وأنه لا يحل لأحد أن يتكلم في الطريق إلا بالعلم فمشهور معروف قد ذكرنا فيما مضى طرفا منه كقوله: من لم يحفظ القرآن ويكتب الحديث لا يقتدى به في هذا الأمر لأن علمنا مقيد بالكتاب والسنة وأيضا فإن علم العلماء الذين أشار إليهم: هو ما فهموه واستنبطوه من القرآن والسنة