والمريد الصادق: هو الذي قرأ القرآن وحفظ السنة والله يرزقه ببركة صدقه ونور قلبه فهما في كتابه وسنة رسوله يفنيه عن تقليد فهم غيره وأما قوله يعني الجنيد إذا أراد الله بالمريد خيرا: أوقعه على الصوفية ومنعه صحبة القراء فالقراء في لسانهم: هم أهل التنسك والتعبد سواء كانوا يقرءون القرآن أم لا فالقارىء عندهم: هو الكثير التعبد والتنسك الذي قد قصر همته على ظاهر العبادة دون أرواح المعارف ودون حقائق الإيمان وروح المحبة وأعمال القلوب فهمتهم كلها إلى العبادة ولا خبر عندهم مما عند أهل التصوف وأرباب القلوب وأهل المعارف ولهذا قال من قال: طريقنا تفت لا تقسر فسير هؤلاء: بالقلوب والأرواح وسير أولئك: بمجرد القوالب والأشباح وبين أرواح هؤلاء وقلوبهم وأرواح هؤلاء وقلوبهم: نوع تناكر وتنافر ولا يقدر أحدهم على صحبة النوع الآخر إلا على نوع إغضاء وتحميل للطبيعة ما تأباه وهو من جنس ما بينهم وبين ظاهرية الفقهاء من التنافر ويسمونهم: أصحاب الرسوم ويسمون أولئك: القراء والطائفتان عندهم: أهل ظواهر لا أرباب حقائق هؤلاء مع رسوم العلم وهؤلاء مع رسوم العبادة ثم إنهم في أنفسهم فريقان: صوفية وفقراء وهم متنازعون في ترجيح الصوفية على الفقراء أو بالعكس أو هما سواء على ثلاثة أقوال فطائفة رجحت الصوفي منهم كثير من أهل العراق وعلى هذا صاحب العوارف وجعلوا نهاية الفقير: بداية الصوفي وطائفة رجحت الفقير وجعلوا الفقر لب التصوف وثمرته وهم كثير من أهل خراسان