والثاني: الاستسلام حتى يمضي عنه ذلك الوقت ولا يتكلف دفعه ولا يستقبل وقته مغالبة وقهرا ولا يطلب طلوع الفجر في وسط الليل وليرقد حتى يمضي عامة الليل ويحين طلوع الفجر وانقشاع ظلمة الليل بل يصبر حتى يهجم عليه الملك فالله يقبض ويبسط وكذلك إذا هجم عليه وارد البسط: فليحذر كل الحذر من الحركة والاهتزاز وليحرزه بالسكون والانكماش فالعاقل يقف على البساط ويحذر من الانبساط وهذا شأن عقلاء أهل الدنيا ورؤسائهم: إذا ما ورد عليهم ما يسرهم ويبسطهم
ويهيج أفراحهم قابلوه بالسكون والثبات والاستقرار حتى كأنه لم يهجم عليهم وقال كعب بن زهير في مدح المهاجرين:
| ليسوا مفاريح إن نالت رماحهم قوما | وليسوا مجازيعا إذا نيلوا |
يريد به: ملازمته رعاية حقوق الله مع التأدب بآدابه فلا يخرجه ذهول عن استقامته ولا عن رعاية حقوق سيده ولا عن الوقوف بالأدب بين يديه والله المستعان. أ هـ ﴿مدارج السالكين حـ ٢ صـ ٣٦٤ ـ ٣٧٥﴾