ولما ذكر ما هو محسوس التخالف من المعاني والأجرام، أتبعه ما هو معقول التباين من الأعراض فقال :﴿إن سعيكم﴾ أي عملكم أيها المكلفون في التوصل إلى مقصد واحد، ولذلك أكده لأنه لا يكاد يصدق اختلاف وجوه السعي مع اتحاد المراد، وعبر بالسعي ليبذل كل في عمله غاية جهده ﴿لشتى﴾ أي مختلف اختلافاً شديداً باختلاف ما تقدم، وهو جمع شتيت كقتلى وقتيل، فيكون الإنسان رجلاً وهو أنثى الهمة، ويكون أنثى وهو ذكر الفعل، فتنافيتم في الاعتقادات، وتعاندتم في المقالات، وتباينتم غاية التباين بأفعال طيبات وخبيثات، فساع في فكاك نفسه، وساع في إيثامها، فعلم قطعاً أنه لا بد من محق ومبطل ومرض ومغضب لأنه لا جائز أن يكون المتنافيان متحدين في الوصف بالإرضاء أو الإغضاب، فبطل ما أراد المشركون من قولهم ﴿لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء﴾ [ النحل : ٣٥ ] الآية وما ضاهاها.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : لما بين قبل حالهم في الافتراق، أقسم سبحانه على ذلك الشأن في الخلائق بحسب تقديره أزلاً ﴿ليبلوهم أيهم أحسن عملاً﴾ [ لا يوجد ليبلوهم بالياء في لغتنا وإنما كما في الكهف آية ٧ : لنبلوهم.
وفي الملك آية ٢ : لنبلوكم.


الصفحة التالية
Icon