المسألة الثالثة :
القسم بالذكر والأنثى يتناول القسم بجميع ذوي الأرواح الذين هم أشرف المخلوقات، لأن كل حيوان فهو إما ذكر أو أنثى والخنثى فهو في نفسه لا بد وأن يكون إما ذكراً أو أنثى، بدليل أنه لو حلف بالطلاق، أنه لم يلق في هذا اليوم لا ذكراً ولا أنثى، وكان قد لقى خنثى فإنه يخنث في يمينه.
إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤)
هذا الجواب القسم، فأقسم تعالى بهذه الأشياء، أن أعمال عباده لشتى أي مختلفة في الجزاء وشتى جمع شتيت مثل مرضى ومريض، وإنما قيل للمختلف : شتى، لتباعد ما بين بعضه وبعضه، والشتات هو التباعد والافتراق، فكأنه قيل : إن عملكم لمتباعد بعضه من بعض، لأن بعضه ضلال وبعضه هدى، وبعضه يوجب الجنان، وبعضه يوجب النيران، فشتان ما بينهما، ويقرب من هذه الآية قوله :﴿لاَ يَسْتَوِى أصحاب النار وأصحاب الجنة﴾ [ الحشر : ٢٠ ] وقوله :﴿أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ يستوون﴾ [ السجدة : ١٨ ] وقوله :﴿أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون﴾ [ الجاثية : ٢١ ] وقال :﴿وَلاَ الظل ولا الحرور﴾ [ فاطر : ٢١ ] قال المفسرون : نزلت هذه الآية في أبي بكر وأبي سفيان.
ثم إنه سبحانه بين معنى اختلاف الأعمال فيما قلناه من العاقبة المحمودة والمذمومة والثواب والعقاب.
فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥)


الصفحة التالية
Icon