في معنى التيسير لليسرى والعسرى وجوه : وذلك لأن من فسر اليسرى بالجنة فسر التيسير لليسرى بإدخال الله تعالى إياهم في الجنة بسهولة وإكرام، على ما أخبر الله تعالى عنه بقوله :﴿والملائكة يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مّن كُلّ بَابٍ * سلام عَلَيْكُمُ﴾ [ الرعد : ٢٤ ٢٣ ] وقوله :﴿طِبْتُمْ فادخلوها خالدين﴾ [ الزمر : ٧٣ ] وقوله :﴿سلام عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عقبى الدار﴾ [ الرعد : ٢٤ ] وأما من فسر اليسرى بأعمال الخير فالتيسير لها هو تسهيلها على من أراد حتى لا يعتريه من التثاقل ما يعتري المرائين والمنافقين من الكسل، قال الله تعالى :﴿وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الخاشعين﴾ [ البقرة : ٤٥ ] وقال :﴿وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى﴾ [ النساء : ١٤٢ ] وقال :﴿مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفروا فِى سَبِيلِ الله اثاقلتم إِلَى الارض﴾ [ التوبة : ٣٨ ] فكان التيسير هو التنشيط.
المسألة الرابعة :
استدل الأصحاب بهذه الآية على صحة قولهم في التوفيق والخذلان، فقالوا : إن قوله تعالى :﴿فَسَنُيَسّرُهُ لليسرى﴾ يدل على أنه تعالى خص المؤمن بهذا التوفيق، وهو أنه جعل الطاعة بالنسبة إليه أرجح من المعصية، وقوله :﴿فَسَنُيَسّرُهُ للعسرى﴾ يدل على أنه خص الكافر بهذا الخذلان، وهو أنه جعل المعصية بالنسبة إليه أرجح من الطاعة، وإذا دلت الآية على حصول الرجحان لزم القوم بالوجوب لأنه لا واسطة بين الفعل والترك، ومعلوم أن حال الاستواء يمتنع الرجحان، فحال المرجوحية أولى بالامتناع، وإذا امتنع أحد الطرفين وجب حصول الطرف الآخر ضرورة أنه لا خروج عن طرفي النقيض.


الصفحة التالية
Icon