أجاب القفال رحمه الله عن وجه التمسك بالآية من وجوه أحدها : أن تسمية أحد الضدين باسم الآخر مجاز مشهور، قال تعالى :﴿وَجَزَاء سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا﴾ [ الشورى : ٤٠ ] وقال :﴿فَبَشّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [ الإنشقاق : ٢٤ ] فلما سمى الله فعل الألطاف الداعية إلى الطاعات تيسيراً لليسرى، سمى ترك هذه الألطاف تيسيراً للعسرى وثانيها : أن يكون ذلك على جهة إضافة الفعل إلى المسبب له دون الفاعل.
كما قيل في الأصنام :﴿رَبّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مّنَ الناس﴾ [ إبراهيم : ٣٦ ] وثالثها : أن يكون ذلك على سبيل الحكم به والإخبار عنه والجواب : عن الكل أنه عدول عن الظاهر، وذلك غير جائز، لاسيما أنا بينا أن الظاهر من جانبنا متأكد بالدليل العقلي القاطع، ثم إن أصحابنا أكدوا ظاهر هذه الآية بما روى عن علي عليه السلام عن النبي ﷺ أنه قال :" ما من نفس منفوسة إلا وقد علم الله مكانها من الجنة والنار، قلنا : أفلا نتكل ؟ قال : لا اعملوا فكل ميسر لما خلق له " أجاب القفال عنه بأن الناس كلهم خلقوا ليعبدوا الله، كما قال :﴿وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ [ الذاريات : ٥٦ ] واعلم أن هذا ضعيف لأنه عليه السلام إنما ذكر هذا جواباً عن سؤالهم، يعني اعملوا فكل ميسر لما وافق معلوم الله، وهذا يدل على قولنا : أن ما قدره الله على العبد وعلمه منه فإنه ممتنع التغيير، والله أعلم.
المسألة الخامسة :


الصفحة التالية
Icon