في دخول السين في قوله :﴿فَسَنُيَسّرُهُ﴾ وجوه أحدها : أنه على سبيل الترفيق والتلطيف وهو من الله تعالى قطع ويقين، كما في قوله :﴿اعبدوا رَبَّكُمُ﴾ إلى قوله ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [ البقرة : ٢١ ] وثانيها : أن يحمل ذلك على أن المطيع قد يصير عاصياً، والعاصي قد يصير بالتوبة مطيعاً، فهذا السبب كان التغيير فيه محالاً وثالثها : أن الثواب لما كان أكثره واقعاً في الآخرة، وكان ذلك مما لم يأت وقته، ولا يقف أحد على وقته إلا الله، لا جرم دخله تراخ، فأدخلت السين لأنها حرف التراخي ليدل بذلك على أن الوعد آجل غير حاضر، والله أعلم.
أما قوله تعالى :
وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (١١)
فاعلم أن ( ما ) هنا يحتمل أن يكون استفهاماً بمعنى الإنكار، ويحتمل أن يكون نفياً.
وأما ﴿تردى﴾ ففيه وجهان الأول : أن يكون ذلك مأخوذاً من قولك : تردى من الجبل : قال الله تعالى :﴿والمتردية والنطيحة﴾ [ المائدة : ٣ ] فيكون المعنى : تردى في الحفرة إذا قبر، أو تردى في قعر جهنم، وتقدير الآية : إنا إذا يسرناه للعسرى، وهي النار تردى في جهنم، فماذا يغني عنه ماله الذي بخل به وتركه لوارثه، ولم يصحبه منه إلى آخرته، التي هي موضع فقره وحاجته شيء، كما قال :﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فرادى كَمَا خلقناكم أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خولناكم وَرَاء ظُهُورِكُمْ﴾ [ الأنعام : ٩٤ ] وقال :﴿وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْداً﴾ [ مريم : ٨٠ ] أخبر أن الذي ينتفع الإنسان به هو ما يقدمه الإنسان من أعمال البر وإعطاء الأموال في حقوقها، دون المال الذي يخلفه على ورثته الثاني : أن تردى تفعل من الردى وهو الهلاك يريد الموت. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٣١ صـ ١٧٩ ـ ١٨٣﴾


الصفحة التالية
Icon