وقيل :"لشتى" أي لمختلف الجزاء ؛ فمنكم مثاب بالجنة، ومعاقب بالنار.
وقيل : أي لمختلف الأخلاق ؛ فمنكم راحم وقاس، وحليم وطائش، وجواد وبخيل ؛ وشبه ذلك.
فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥)
فيه أربع مسائل :
الأولى : قوله تعالى :﴿ فَأَمَّا مَنْ أعطى واتقى ﴾ قال ابن مسعود : يعني أبا بكر رضي الله عنه ؛ وقاله عامة المفسرين.
فروِي عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال : كان أبو بكر يُعْتق على الإسلام عجائز ونساء، قال : فقال له أبوه قحافة : أي بني! لو أنك أعتقت رجالاً جُلْداً يمنعونك ويقومون معك؟ فقال : يا أبت إنما أريد ما أريد.
وعن ابن عباس في قوله تعالى :﴿ فَأَمَّا مَنْ أعطى ﴾ أي بذل.
﴿ واتقى ﴾ أي محارم الله التي نَهَى عنها.
﴿ وَصَدَّقَ بالحسنى ﴾ أي بالخَلَف من الله تعالى على عطائه.
﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لليسرى ﴾ وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ :" ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ومَلَكان ينزلان فيقول أحدهما : اللهم أعطِ منفقاً خَلَفاً، ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكاً تَلَفاً " وروي من حديث أبي الدرداء : أن رسول الله ﷺ قال :" ما من يوم غَرَبَت شمسه إلا بُعِث بجنبتها ملكان يناديان يسمعهما خلق الله كلهم إلا الثَّقَلين : اللهم أعط منفقاً خلفاً، وأَعطِ ممسِكاً تلفاً " فأنزل الله تعالى في ذلك في القرآن ﴿ فَأَمَّا مَنْ أعطى ﴾...
الآيات.
وقال أهل التفسير :﴿ فَأَمَّا مَنْ أعطى ﴾ المُعْسِرين.
وقال قتادة : أعطى حق الله تعالى الذي عليه.
وقال الحسن : أعطى الصدق من قلبه.
﴿ وَصَدَّقَ بالحسنى ﴾ أي بلا إله إلا الله ؛ قاله الضحاك والسلمي وابن عباس أيضاً.
وقال مجاهد : بالجنة ؛ دليله قوله تعالى :﴿ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى وَزِيَادَةٌ ﴾ [ يونس : ٢٦ ]...
الآية.
وقال قتادة : بموعود الله الذي وعده أن يثيبه.


الصفحة التالية
Icon