وخلاصة الحديث أنه بيان للفرق بين تعلق علم الله بأعمال عباده قبل أن يعملوها، وبين تعلُّق خطابه إياهم بشرائعه، وأن ما يصدر عن الناس من أعمال ظاهرة وباطنة إلى خاتمة كل أحد وموافاته هو عنوان للناس على ما كان قد علمه الله، ويلتقي المهيعان في أن العمل هو وسيلة الحصول على الجنة أو الوقوع في جهنم.
وإنما خص الإِعطاء بالذِكْر في قوله :﴿ فأما من أعطى واتقى ﴾ مع شمول ﴿ اتقى ﴾ لمفاده، وخص البخل بالذكر في قوله :﴿ وأما من بخل واستغنى ﴾ مع شمول ﴿ استغنى ﴾ له، لتحريض المسلمين على الإِعطاء، فالإِعطاء والتقوى شعار المسلمين مع التصديق بالحسنى وضد الثلاثة من شعار المشركين.
وفي الآية محسن الجمع مع التقسيم، ومحسن الطباق، أربع مرات بين ﴿ أعطى ﴾ و ﴿ بخل ﴾، وبين ﴿ اتقى ﴾، و ﴿ استغنى ﴾، وبين و ﴿ صدق ﴾ و ﴿ كذب ﴾ وبين "اليسرى" و"العسرى".
وجملة :﴿ وما يغني عنه ماله إذا تردى ﴾ عطف على جملة ﴿ فسنيسره للعسرى ﴾ أي سنعجل به إلى جهنم.
فالتقدير : إذا تردّى فيها.
والتردّي : السقوط من علوّ إلى سفل، يعني : لا يغني عنه ماله الذي بخل به شيئاً من عذاب النار.
و﴿ مَا ﴾ يجوز أن تكون نافية.
والتقدير : وسَوْف لا يغني عنه ماله إذا سقط في جهنم، وتحتمل أن تكون استفهامية وهو استفهام إنكار وتوبيخ.
ويجوز على هذا الوجه أن تكون الواو للاستئناف.
والمعنى : وما يغني عنه ماله الذي بخل به.


الصفحة التالية
Icon