والاختلاف في سبب نزول هذه السورة يدل على عدم وضوحه للرواة، فالذي نظنه أن احتباس الوحي في هذه المرة كان لمدة نحو من اثني عشر يوماً وأنه ما كان إلا للرفق بالنبي ﷺ كي تسْتَجِمَّ نفسه وتعتاد قوته تحمُّل أعباء الوحي إذ كانت الفترة الأولى أربعين يوماً ثم كانت الثانية اثني عشر يوماً أو نحوها، فيكون نزول سورة الضحى هو النزول الثالث، وفي المرة الثالثة يحصل الارتياض في الأمور الشاقة ولذلك يكثر الأمر بتكرر بعض الأعمال ثلاثاً، وبهذا الوجه يجمع بين مختلف الأخبار في سبب نزول هذه السورة وسبب نزول سورة المدثر.
وحُذف مفعول ﴿ قلى ﴾ لدلالة ﴿ ودعك ﴾ عليه كقوله تعالى :﴿ والذاكرين اللَّه كثيراً والذاكرات ﴾ [ الأحزاب : ٣٥ ] وهو إيجاز لفظيّ لظهور المحذوف ومثله قوله :﴿ فآوى ﴾ [ الضحى : ٦ ]، ف ﴿ هدى ﴾ [ الضحى : ٧ ] ﴿ فأغنى ﴾ [ الضحى : ٨ ].
وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (٤)
عطف على جملة :﴿ والضحى ﴾ [ الضحى : ١ ] فهو كلام مبتدأ به، والجملة معطوفة على الجمل الابتدائية وليست معطوفة على جملة جواب القسم بل هي ابتدائية فلما نُفي القِلى بشّر بأن آخرته خير من أولاه، وأن عاقبته أحسن من بدأته، وأن الله خاتم له بأفضل مما قد أعطاه في الدنيا وفي الآخرة.
وما في تعريف "الآخرة" و ﴿ الأولى ﴾ من التعميم يجعل معنى هذه الجملة في معنى التذييل الشامل لاستمرار الوحي وغير ذلك من الخير.


الصفحة التالية
Icon