وقال الفراء :
سورة ( الضحى )
﴿ وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ﴾
قوله عز وجل: ﴿وَالضُّحَى... وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى...﴾.
فأمّا الضحى فالنهار كله، والليل إذا سجى: إذا أظلم وركد فى طوله، كما تقول: بحر ساج، وليل ساج، إِذا ركد وسكن وأظلم.
﴿ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ﴾
وقوله عز وجل: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى...﴾.
نزلت فى احتباس الوحى عن النبى ﷺ خمس عشرة [ليلة]، فقال المشركون: قد ودّع محمدا ﷺ ربُّه، أو قلاه التابع الذى يكون معه، فأنزل الله جلّ وعزّ: ﴿ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ﴾ يا محمد، ﴿وَمَا قَلَى﴾ يريد: وما قلاك، فألقيت الكاف، كما يقول: قد أعطيتك وأحسنتُ ومعناه: أحسنت إليك، فتكتفى بالكاف الأولى من إعادة الأخرى، ولأن رءوس الآيات بالياء، فاجتمع ذلك فيه.
﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ﴾
وقوله عز وجل: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى...﴾.
وهى فى قراءة عبدالله: "ولسيعطيك [ربك فترضى]" والمعنى واحد، إلا أن (سوف) كثرت فى الكلام، وعرِف موضعها، فترك منها الفاء والواو، والحرف إذا كثر فربما فعل به ذلك، كما قيل: أَيشٍ تقول، وكما قيل: قم لا بَاك، وقم لا بِشانئك، يريدون: لا أبالك، ولا أبا لشانئك، وقد سمعتُ بيتاً حذفت الفاء فيه من كيف، قال الشاعر:
من طالبين لِبُعران لنا رفضت * كيلا يُحسون من بعراننا أثرا
أراد: كيف لا يحسون؟ وهذا لذلك.
﴿ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى ﴾
وقوله عز وجل: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى...﴾.
يقول: كنت فى حجر أبى طالب، فجعل لك مأوى، وأغناك عنه، ولم يك غنى عن كثرة مال، ولكنّ الله رضّاه بما آتاه.
﴿ وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَى ﴾
وقوله عز وجل: ﴿وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَى...﴾.


الصفحة التالية
Icon