السؤال الثاني : أنه تعالى منّ عليه بثلاثة أشياء، ثم أمره بأن يذكر نعمة ربه، فما وجه المناسبة بين هذه الأشياء ؟ الجواب : وجه المناسبة أن نقول : قضاء الدين واجب، ثم الدين نوعان مالي وإنعامي والثاني : أقوى وجوباً، لأن المالي قد يسقط بالإبراء والثاني : يتأكد بالإبراء، والمالي يقضي مرة فينجو الإنسان منه والثاني : يجب عليك قضاؤه طول عمرك، ثم إذا تعذر قضاء النعمة القليلة من منعم هو مملوك، فكيف حال النعمة العظيمة من المنعم العظيم، فكأن العبد يقول : إلهي أخرجتني من العدم إلى الوجود بشراً سوياً، طاهر الظاهر نجس الباطن، بشارة منك أن تستر على ذنوبي بستر عفوك، كما سترت نجاستي بالجلد الظاهر، فكيف يمكنني قضاء نعمتك التي لا حد لها ولا حصر ؟ فيقول تعالى الطريق إلى ذلك أن تفعل في حق عبيدي ما فعلته في حقك، كنت يتيماً فآويتك فافعل في حق الأيتام ذلك، وكنت ضالاً فهديتك فافعل في حق عبيدي ذلك، وكنت عائلاً فأغنيتك فافعل في حق عبيدي ذلك ثم إن فعلت كل ذلك فاعلم أنك إنما فعلتها بتوفيقي لك ولطفي وإرشادي، فكن أبداً ذاكراً لهذه النعم والألطاف.
وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (٧)


الصفحة التالية
Icon