الأول : وهو المشهور أن المراد هو الفقير، ويدل عليه ما روى أنه في مصحف عبد الله :( ووجدك عديماً ) وقرىء عيلاً كما قرىء سيحات (١)،
ثم في كيفية الإغناء وجوه الأول : أن الله تعالى أغناه بتربية أبي طالب، ولما اختلت أحوال أبي طالب أغناه ( الله ) بمال خديجة، ولما اختل ذلك أغناه ( الله ) بمال أبي بكر، ولما اختل ذلك أمره بالهجرة وأغناه بإعانة الأنصار، ثم أمره بالجهاد، وأغناه بالغنائم، وإن كان إنما حصل بعد نزول هذه السورة، لكن لما كان ذلك معلوم الوقوع كان كالواقع، روي أنه عليه السلام :" دخل على خديجة وهو مغموم، فقالت له مالك، فقال : الزمان زمان قحط فإن أنا بذلت المال ينفذ مالك فأستحي منك، وإن لم أبذل أخاف الله، فدعت قريشاً وفيهم الصديق، قال الصديق : فأخرجت دنانير وصبتها حتى بلغت مبلغاً لم يقع بصري على من كان جالساً قدامي لكثرة المال، ثم قالت : اشهدوا أن هذا المال ماله إن شاء فرقه، وإن شاء أمسكه " الثاني : أغناه بأصحابه كانوا يعبدون الله سراً حتى قال عمر حين أسلم : أبرز أتعبد اللات جهراً ونعبد الله سراً! فقال عليه السلام :" حتى تكثر الأصحاب، " فقال حسبك الله وأنا فقال تعالى :﴿حَسْبُكَ الله وَمَنِ اتبعك مِنَ المؤمنين﴾ [ الأنفال : ٦٤ ] فأغناه الله بمال أبي بكر، وبهيبة عمر" الثالث : أغناك بالقناعة فصرت بحال يستوي عندك الحجر والذهب، لا تجد في قلبك سوى ربك، فربك غني عن الأشياء لا بها، وأنت بقناعتك استغنيت عن الأشياء، وإن الغنى الأعلى الغنى عن الشيء لا به، ومن ذلك أنه عليه السلام خير بين الغنى والفقر، فاختار الفقر الرابع : كنت عائلاً عن البراهين والحجج، فأنزل الله عليك القرآن، وعلمك مالم تكن تعلم فأغناك.
القول الثاني في تفسير العائل : أنت كنت كثير العيال وهم الأمة، فكفاك.
وقيل فأغناهم بك لأنهم فقراء بسبب جهلهم، وأنت صاحب العلم، فهداهم على يدك، وههنا سؤالات.

(١) هكذا في الأصل ولعله يعني قرئ : ووجدك عيلا تشديد لياء مع كسرها كما قرئ : سيحات كذلك في قوله تعالى : سائِحاتٍ [التحريم : ٥]. واللّه أعلم الصاوي.


الصفحة التالية
Icon