من أبويه، فقال لئلا يكون عليه حق لمخلوق، وقرأ الأشهب العقيلي " فأوى " بالقصر بمعنى رحم، تقول أويت لفلان أي رحمته، وقوله تعالى :﴿ ووجدك ضالاً ﴾ أي وجده إنعامه بالنبوة والرسالة على غير الطريقة التي هو عليها في نبوته، وهذا قول الحسن والضحاك وفرقة، والضلال يختلف، فمنه القريب ومنه البعيد، فالبعيد ضلال الكفار الذين يعبدون الأصنام ويحتجون لذلك ويعتبطون به، وكان هذا الضلال الذي ذكره الله تعالى لنبيه عليه السلام أقرب ضلال وهو الكون واقفاً لا يميز المهيع لا أنه تمسك بطريق أحد بل كان يرتاد وينظر، وقال السدي : أقام على أمر قومه أربعين سنة، وقيل معنى ﴿ وجدك ضالاً ﴾ أي تنسب إلى الضلال، وقال الكلبي ووجدك في قوم ضلال فكأنك واحد منهم.
قال القاضي أبو محمد : ورسول الله ﷺ لم يعبد صنماً قط، ولكنه أكل ذبائحهم حسب حديث زيد بن عمرو في أسفل بارح وجرى على يسير من أمرهم وهو مع ذلك ينظر خطأ ما هم فيه ودفع من عرفات وخالفهم في أشياء كثيرة، وقال ابن عباس هو ضلاله وهو صغير في شعاب مكة، ثم رده الله تعالى إلى جده عبد المطلب، وقيل هو ضلاله من حليمة مرضعته، وقال الترمذي وعبد العزيز بن يحيى :﴿ ضالاً ﴾ معناه خامل الذكر لا يعرفك الناس فهداهم إليه ربك، والصواب أنه ضلال من توقف لا يدري كما قال عز وجل :﴿ ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ﴾ [ الشورى : ٥٢ ] قال ثعلب قال أهل السنة : هو تزويجه بنته في الجاهلية ونحوه، والعائل الفقير، وقرأ اليماني " عيَّلاً " بشد الياء المكسورة ومنه قول الشاعر [ أحيحة ] :[ الوافر ]
وما يدري الفقير متى غناه... وما يدري الغني متى يعيل


الصفحة التالية
Icon