وقيل : ووجدك متحيراً عن بيان ما نزل عليك، فهداك إليه ؛ فيكون الضلال بمعنى التحير ؛ لأن الضال متحير.
وقيل : ووجدك ضائعاً في قومك ؛ فهداك إليه ؛ ويكون الضلال بمعنى الضياع.
وقيل : ووجدك محِباً للهداية، فهداك إليها ؛ ويكون الضلال بمعنى المحبة.
ومنه قوله تعالى :﴿ قَالُواْ تالله إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ القديم ﴾ [ يوسف : ٩٥ ] أي في محبتك.
قال الشاعر :
هذا الضلالُ أشاب مني المفرِقا...
والعارِضَيْنِ ولم أكن متحققا
عجباً لعزةَ في اختيار قطيعتي...
بعد الضلال فحبلها قد أخلقا
وقيل :"ضالا" في شِعاب مكة، فهداك وردّك إلى جدّك عبد المطلب.
قال ابن عباس : ضل النبيّ ﷺ وهو صغير في شِعاب مكة، فرآه أبو جهل منصرفاً عن أغنامه، فردّه إلى جده عبد المطلب ؛ فمنّ الله عليه بذلك، حين ردّه إلى جده على يدي عدوّه.
وقال سعيد بن جبير : خرج النبيّ ﷺ مع عمه أبي طالب في سفر، فأخذ إبليس بزمام الناقة في ليلة ظَلْماء، فعدل بها عن الطريق، فجاء جبريل عليه السلام، فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى أرض الهند، وردّه إلى القافلة ؛ فمنّ الله عليه بذلك.
وقال كعب : إن حليمة لما قضت حق الرضاع، جاءت برسول الله ﷺ لتردّه على عبد المطلب، فسمعت عند باب مكة : هنيئاً لك يا بطحاء مكة، اليوم يرد إليك النور والدين والبهاء والجمال.
قالت : فوضعته لأُصلِح ثيابي، فسمعت هدّة شديدة، فالتفت فلم أره، فقلت : مَعْشَرَ الناس، أين الصبيّ؟ فقالوا : لم نر شيئاً ؛ فصحت : وامحمداه! فإذا شيخ فانٍ يتوكأ على عصاه، فقال : اذهبي إلى الصنم الأعظم ؛ فإن شاء أن يردّه عليك فعل.
ثم طاف الشيخ بالصنم، وقبل رأسه وقال : يا رب، لم تزل مِنتك على قريش، وهذه السعدية تزعم أن ابنها قد ضل، فردّه إن شئت.


الصفحة التالية
Icon