وقال قوم : إنه كان على جملة ما كان القوم عليه، لا يُظهر لهم خلافاً على ظاهر الحال ؛ فأما الشرك فلا يُظَنُّ به ؛ بل كان على مراسم القوم في الظاهر أربعين سنة.
وقال الكلبيّ والسدّيّ : هذا على ظاهره ؛ أي وجدك كافراً والقوم كفار فهداك.
وقد مضى هذا القول والردّ عليه في سورة "الشورى".
وقيل : وجدك مغموراً بأهل الشرك، فميزك عنهم.
يقال : ضل الماء في اللبن ؛ ومنه ﴿ أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الأرض ﴾ [ السجدة : ١٠ ] أي لحقنا بالتراب عند الدفن، حتى كأنا لا نتميز من جملته.
وفي قراءة الحسن "ووجدك ضالٌّ فهدى" أي وجدك الضال فاهتدى بك ؛ وهذه قراءة على التفسير.
وقيل :"ووجدك ضالاً" لا يهتدي إليك قومك، ولا يعرفون قدرك ؛ فهدى المسلمين إليك، حتى آمنوا بك.
وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (٨)
أي فقيراً لا مال لك.
﴿ فأغنى ﴾ أي فأغناك بخديجة رضي الله عنها ؛ يقال : عال الرجل يعِيل عَيلة : إذا افتقر.
وقال أُحَيحة بن الجُلاح :
فما يَدْرِي الفقيرُ متى غِناهُ...
وما يدْرِي الغنِيّ متى يَعِيل
أي يفتقر.
وقال مقاتل : فرضَّاك بما أعطاك من الرزق.
وقال الكلبِيّ : قنعك بالرزق.
وقال ابن عطاء : ووجدك فقير النفس، فأغنى قلبك.
وقال الأخفش : وجدك ذا عيال ؛ دليله "فأغنى".
ومنه قول جرير :
الله أنزلَ في الكتاب فريضةً...
لابن السبيل ولِلْفقير العائل
وقيل : وجدك فقيراً من الحُجَج والبراهين، فأغناك بها.
وقيل : أغناك بما فتح لك من الفتوح، وأفاءه عليك من أموال الكفار.
القشيرِي : وفي هذا نظر ؛ لأن السورة مكية، وإنما فرض الجهاد بالمدينة.
وقراءة العامة "عائلاً".
وقرأ ابن السميقع "عَيِّلا" بالتشديد ؛ مثل طيب وهين.
فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (٩)
فيه أربع مسائل :
الأولى : قوله تعالى :﴿ فَأَمَّا اليتيم فَلاَ تَقْهَرْ ﴾ أي لا تَسَلَّطْ عليه بالظلم، ادفع إليه حقه، واذكر يتمك ؛ قاله الأخفش.
وقيل : هما لغتان بمعنى.


الصفحة التالية
Icon