و"اليتيم" و"السائل" منصوبان بالفعل الذي بعده ؛ وحق المنصوب أن يكون بعد الفاء، والتقدير : مهما يكن من شيء فلا تقهر اليتيم، ولا تنهر السائل.
وروي أن النبيّ ﷺ قال :" سألت ربي مسألة ودِدت أني لم أسألها : قلت : يا رب اتخذت إبراهيم خليلاً، وكلمت موسى تكليما، وسخرت مع داود الجبال يسبحن، وأعطيت فلاناً كذا ؛ فقال عز وجل : ألم أجدك يتيماً فآويتك؟ ألم أجدك ضالاً فهديتك؟ ألم أجدك عائلاً فأغنيتك؟ ألم أشرح لك صدرك؟ ألم أوتِك ما لم أُوتِ أحداً قبلك : خواتيمَ سورة البقرة، ألم أتخذك خليلاً، كما اتخذت إبراهيم خليلاً؟ قلت : بلى يا رب ".
الرابعة : قوله تعالى :﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ أي انشر ما أنعم الله عليك بالشكر والثناء.
والتحدث بنعم الله، والاعتراف بها شكر.
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد "وأما بنعمة ربك" قال بالقرآن.
وعنه قال : بالنبوّة ؛ أي بلغ ما أرسلت به.
والخطاب للنبيّ ﷺ، والحكم عام له ولغيره.
وعن الحسن بن عليّ رضي الله عنهما قال : إذا أصبت خيراً، أو عملت خيراً، فحدّث به الثقة من إخوانك.
وعن عمرو بن ميمون قال : إذا لقي الرجل من إخوانه من يثق به، يقول له : رزقني الله من الصلاة البارحة كذا وكذا.
وكان أبو فراس عبد الله بن غالب إذا أصبح يقول : لقد رزقني الله البارحة كذا، قرأت كذا، وصليت كذا، وذكرت الله كذا، وفعلت كذا.
فقلنا له : يا أبا فراس، إن مثلك لا يقول هذا! قال يقول الله تعالى :﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ وتقولون أنتم : لا تَحَدَّث بنعمة الله! ونحوه عن أيوب السختِيانيّ وأبي رجاء العُطارِدِيّ رضي الله عنهم.


الصفحة التالية
Icon