الكلبي بأن انقطاع الوحي خمسة عشر يوما، ورواية ابن جريح اثنى عشر يوما، وهناك روايات بخمس وعشرين وأربعين، عن ابن عباس والسدي، لا يوثق به كله، لأن أربعة الأيام لا تستوجب حزن النبي بالدرجة المار ذكرها في المدثر لا سيما وأن الوحي لم يحجم بعد، على أنه قد جاء في بعض الآثار أن حضرة الرسول قال لجبريل ما جئتني حتى اشتقت إليك فقال بل كنت إليك أشوق ولكني عبد مأمور وتلا قوله تعالى "وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ" الآية ٦٤ من سورة مريم الآتية وفي رواية أنه عاتبة فقال أما علمت أنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة ؟ على أن هذه الآية لم تنزل بعد وعلى كل فلا مانع من تعدد الأسباب إذا قلنا بجواز ذلك كله يشرط أن يكون السائل كفار قريش على لسان اليهود كما سيأتي في الآية ٨٥ من سورة الإسراء الآتية والآية ٢٩ من سورة الكهف في ج ٢ واللّه أعلم بالصواب قال تعالى "وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى ٤" وهذه بشارة عظيمة من ربه اليه بأن ما أعده له من المقام المحمود في الآخرة أحسن وأعظم مما إعطاء في الدنيا، روى البغوي عن ابن مسعود أنه صلى اللّه عليه وسلم قال إنا أهل بيت اختار اللّه لنا الآخرة على الدنيا، ثم اقسم جل قسمه تطمينا لقلب حبيبه وإقرارا لعينه وقال "وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى ٥" من جزيل عطائه وجليل رضائه وعظيم مواهبه ومن الحوض المورود واللواء المعقود والشفاعة العظمى في اليوم الموعود وغيرها مما وعده به وهذا العطاء كائن لا محالة.
روى ابن عباس أنه صلى اللّه عليه وسلم عرض عليه ما هو مفتوح على أمته من بعده، فسرّ فأنزل اللّه هذه الآية بشارة له بأنه سيعطيه من النعيم الدائم في الآخرة ما لا يقاس بما أعطاه له ولإمته في الدنيا.
ولما نزلت هذه الآية قال صلى اللّه عليه وسلم لا أرضى وواحد من أمتي بالنار.


الصفحة التالية
Icon