ثم شرع يعدد نعمه على نبيه فقال "أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً" فاقد الأبوين صغيرا ووجد هذه وما بعدها بمعنى علم ويقال لفاقد الأب يتيم ولفاقد الأم عجي ولفاقدهما لطيم وكان والده صلى اللّه عليه وسلم توفي بعد حمله بشهرين ثم توفيت أمه وهو ابن ست سنين "فَآوى ٦" جعل لك مأوى تأوي اليه بأن ضمك أولا إلى جدك عبد المطلب الذي كان يقدمك على كل أحد ويفتخر بك ويتفرض بك الخير وبعد وفاته ضمك إلى عمك أبى طالب فأحسن تربيتك وحماك من أعدائك وكفاك مؤنتك، فكنت كالدرّة اليتيمة التي لا نظير لها، فأيدك وشرفك ربك بالنبوة المشعر بها قوله جل قوله "وَوَجَدَكَ ضَالًّا" عاقلا عن الشرائع التي لا تهتدي إليها العقول قال تعالى "ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ" الآية ٥٣ من الشورى في ج ٢ أي خاليا من الهام النبوة غير عالم بمعالمها "فَهَدى ٧" أرشدك إليها وعرفك الشريعة التي أنزلها عليك وما يتعلق بها من أصول وفروع بما أنزله عليك من الوحي.
مطلب هدايته صلى اللّه عليه وسلم ومعاملته اليتيم :
ولا يقال انه صلى اللّه عليه وسلم كان على ملة قومه استفادة من معنى "ضالا" فهداه للاسلام لأن سائر الأنبياء منذ يولدون ينشأون على التوحيد والأيمان وأنهم قبل النبوة وبعدها معصومون من الجهل بعصمة اللّه، يدل على هذا أنه لما سافر مع عمه أبي طالب ورأى بحيرا الراهب فيه علامة النبوة فاستحلفه باللات والعزى فقال صلى اللّه عليه وسلم : لا تسألني بهما فو اللّه ما أبغضت شيئا كبغضهما ويؤكد هذا شرح صدره واستخراج العلقة منه وقول جبريل هذا حظ الشيطان منك وملأه حكمة وإيمانا.


الصفحة التالية
Icon