فصل فى التفسير الموضوعى للسورة كاملة


قال الشيخ محمد الغزالى :
سورة الضحى
وصف القرآن فى آيات كثيرة منه بأنه نور "فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا ". " ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا ". ولاشك أن الوحى الأعلى كان شروقا دائما على قلب محمد، ظل معه إلى آخر العمر! ربما تريث الوحى مرة أو مرتين لأسباب طبيعية. وقد حدث ذلك فى أوائل نزوله. فهل يعنى ذلك أن رب محمد كرهه؟ كذلك زعم خصوم الرسالة! فنزلت هذه السورة " والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى". قال العلماء وفى هذين القسمين إشارة إلى وقت نزول الوحى ووقت توقفه، ولابد من استجمام وراحة لأن نزول الوحى تصحبه معاناة. ولا مكان هنا لترك أو كراهية " وللآخرة خير لك من الأولى". فى أول الرسالة كان النبى ﷺ يربى أناسا يعدون على الأصابع، ثم أخذت دائرة الدعوة تنداح فإذا هو يقوم على تكوين أمة كبيرة. كانت هذه الأمة هى الدعائم المختفية فى التراب للبناء الإسلامى الشامخ الباقى إلى قيام الساعة. لقد استقبل خلال ذلك وحيا كثيرا وتحمل جهودا مضنية، حتى غير التاريخ العام وأنشأ حضارة أخرى. والكتاب الذى صنع ذلك مازال بين أيدينا شاهد صدق على عظمة الإسلام ورسوله. " ولسوف يعطيك ربك فترضى " ما نوع هذا العطاء؟ لقد مات إبان المعركة الدائرة مع الكفر، ودفن فى حجرة ملحقة بالمسجد، وخرج من الدنيا وحلوائها كما تخرج الشعرة من العجين ما علق به شىء منها! وترك للأوفياء من رجاله أن يمضوا على الطريق لا يعوقهم شىء، فلقيت جمهرتهم الله على التوحيد والتقوى.


الصفحة التالية
Icon