السؤال الأول : ما الحكمة في أنه تعالى في السورة الماضية قدم ذكر الليل، وفي هذه السورة أخره ؟ قلنا : فيه وجوه أحدها : أن بالليل والنهار ينتظم مصالح المكلفين، والليل له فضيلة السبق لقوله :﴿وَجَعَلَ الظلمات والنور﴾ [ الأنعام : ١ ] وللنهار فضيلة النور، بل الليل كالدنيا والنهار كالآخرة، فلما كان لكل واحد فضيلة ليست للآخر، لا جرم قدم هذا على ذاك تارة وذاك، على هذا أخرى، ونظيره أنه تعالى قدم السجود على الركوع في قوله :﴿واسجدى واركعى﴾ [ آل عمران : ٤٣ ] ثم قدم الركوع على السجود في قوله :﴿اركعوا واسجدوا﴾ [ الحج : ٧٧ ] وثانيها : أنه تعالى قدم الليل على النهار في سورة أبي بكر لأن أبا بكر سبقه كفر، وههنا قدم الضحى لأن الرسول عليه الصلاة والسلام ما سبقه ذنب وثالثها : سورة والليل سورة أبي بكر، وسورة الضحى سورة محمد عليه الصلاة والسلام ثم ما جعل بينهما واسطة ليعلم أنه لا واسطة بين محمد وأبي بكر، فإذا ذكرت الليل أولاً وهو أبو بكر، ثم صعدت وجدت بعده النهار وهو محمد، وإن ذكرت والضحى أولاً وهو محمد، ثم نزلت وجدت بعده، والليل وهو أبو بكر، ليعلم أنه لا واسطة بينهما.
السؤال الثاني : ما الحكمة ههنا في الحلف بالضحى والليل فقط ؟ والجواب : لوجوه أحدها : كأنه تعالى يقول : الزمان ساعة، فساعة ساعة ليل، وساعة نهار، ثم يزداد فمرة تزداد ساعات الليل وتنقص ساعات النهار، ومرة بالعكس فلا تكون الزيادة لهوى ولا النقصان لقلى.