بل للحكمة، كذا الرسالة وإنزال الوحي بحسب المصالح فمرة إنزال ومرة حبس، فلا كان الإنزال عن هوى، ولا كان الحبس عن قلى وثانيها : أن العالم لا يؤثر كلامه حتى يعمل به، فلما أمر الله تعالى بأن البينة على المدعي واليمين على من أنكر، لم يكن بد من أن يعمل به، فالكفار لما ادعوا أن ربه ودعه وقلاه، قال : هاتوا الحجة فعجزوا فلزمه اليمين بأنه ما ودعه ربه وما قلاه وثانيها : كأنه تعالى يقول : انظروا إلى جوار الليل مع النهار لا يسلم أحدهما عن الآخر بل الليل تارة يغلب وتارة يغلب فكيف تطمع أن تسلم على الخلق.
السؤال الثالث : لم خص وقت الضحى بالذكر ؟ الجواب : فيه وجوه أحدها : أنه وقت اجتماع الناس وكمال الأنس بعد الاستيحاش في زمان الليل، فبشروه أن بعد استيحاشك بسبب احتباس الوحي يظهر ضحى نزول الوحي وثانيها : أنها الساعة التي كلم فيها موسى ربه، وألقى فيها السحرة سجداً، فاكتسى الزمان صفة الفضيلة لكونه ظرفاً، فكيف فاعل الطاعة! وأفاد أيضاً أن الذي أكرم موسى لا يدع إكرامك، والذي قلب قلوب السحرة حتى سجدوا يقلب قلوب أعدائك.


الصفحة التالية
Icon