السؤال الرابع : ما السبب في أنه ذكر الضحى وهو ساعة من النهار، وذكر الليل بكليته ؟ الجواب : فيه وجوه أحدها : أنه إشارة إلى أن ساعة من النهار توازي جميع الليل كما أن محمداً إذا وزن يوازي جميع الأنبياء والثاني : أن النهار وقت السرور والراحة، والليل وقت الوحشة والغم فهو إشارة إلى أن هموم الدنيا أدوم من سرورها، فإن الضحى ساعة والليل كذا ساعات، يروى أن الله تعالى لما خلق العرش أظلت غمامة سوداء عن يسارة، ونادت ماذا أمطر ؟ فأجيبت أن امطري الهموم والأحزان مائة سنة، ثم انكشفت فأمرت مرة أخرى بذلك وهكذا إلى تمام ثلاثمائة سنة، ثم بعد ذلك أظلت عن يمين العرش غمامة بيضاء ونادت : ماذا أمطر ؟ فأجيبت أن أمطري السرور ساعة، فلهذا السبب ترى الغموم والأحزان دائمة، والسرور قليلاً ونادراً وثالثها : أن وقت الضحى وقت حركة الناس وتعارفهم فصارت نظير وقت الحشر، والليل إذا سكن نظير سكون الناس في ظلمة القبور، فكلاهما حكمة ونعمة لكن الفضيلة للحياة على الموت، ولما بعد الموت على ما قبله، فلهذا السبب قدم ذكر الضحى على ذكر الليل ورابعها : ذكروا الضحى حتى لا يحصل اليأس من روحه، ثم عقبه بالليل حتى لا يحصل الأمن من مكره.
السؤال الخامس : هل أحد من المذكرين فسر الضحى بوجه محمد والليل بشعره ؟ والجواب : نعم ولا استبعاد فيه ومنهم من زاد عليه فقال : والضحى ذكور أهل بيته، والليل إناثهم، ويحتمل الضحى رسالته والليل زمان احتباس الوحي، لأن في حال النزول حصل الاستئناس وفي زمن الاحتباس حصل الاستيحاش، ويحتمل والضحى نور علمه الذي به يعرف المستور من الغيوب : والليل عفوه الذي به يستر جميع الغيوب.


الصفحة التالية