فقال المشركون : قد قلاه الله وودعه، فأنزل الله تعالى عليه هذه الآية، وقال السدي : أبطأ عليه أربعين ليلة فشكا ذلك إلى خديجة، فقالت : لعل ربك نسيك أو قلاك، وقيل : إن أم جميل امرأة أبي لهب قالت له : يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك، وروي عن الحسن أنه قال : أبطأ على الرسول ﷺ الوحي، فقال لخديجة :"إن ربي ودعني وقلاني، يشكو إليها، فقالت : كلا والذي بعثك بالحق ما ابتدأك الله بهذه الكرامة إلا وهو يريد أن يتمها لك" فنزل :﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قلى﴾ وطعن الأصوليون في هذه الرواية، وقالوا : إنه لا يليق بالرسول ﷺ أن يظن أن الله تعالى ودعه وقلاه، بل يعلم أن عزل النبي عن النبوة غير جائز في حكمة الله تعالى، ويعلم أن نزول الوحي يكون بحسب المصلحة، وربما كان الصلاح تأخيره، وربما كان خلاف ذلك، فثبت أن هذا الكلام غير لائق بالرسول عليه الصلاة والسلام، ثم إن صح ذلك يحمل على أنه كان مقصوده عليه الصلاة والسلام أن يجربها ليعرف قدر علمها، أو ليعرف الناس قدر علمها، واختلفوا في قدر مدة انقطاع الوحي، فقال ابن جريج : اثنا عشر يوماً، وقال الكلبي : خمسة عشر يوماً، وقال ابن عباس : خمسة وعشرون يوماً، وقال السدي ومقاتل : أربعون يوماً، واختلفوا في سبب احتباس جبريل عليه السلام، فذكر أكثر المفسرين أن اليهود سألت رسول الله ﷺ عن الروح وذي القرنين وأصحاب الكهف، فقال :" سأخبركم غداً ولم يقل إن شاء الله " فاحتبس عنه الوحي، وقال ابن زيد : السبب فيه كون جرو في بيته للحسن والحسين، فلما نزل جبريل عليه السلام، عاتبه رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقال :"أما علمت أنا لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صورة" وقال جندب بن سفيان : رمى النبي عليه الصلاة بحجر في إصبعه، فقال :
هل أنت إلا أصبع دميت.. وفي سبيل الله ما لقيت


الصفحة التالية
Icon