وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ والضحى * والليل إِذَا سجى ﴾
قد تقدّم القول في "الضحى"، والمراد به النهار ؛ لقوله ؛ ﴿ والليل إِذَا سجى ﴾ فقابله بالليل.
وفي سورة ( الأعراف ) ﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ القرى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ * أَوَ أَمِنَ أَهْلُ القرى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ ﴾ [ الأعراف : ٩٧ ٩٨ ] أي نهاراً.
وقال قتادة ومقاتل وجعفر الصادق : أقسم بالضحى الذي كلم الله فيه موسى، وبليلة المِعراج.
وقيل : هي الساعة التي خرّ فيها السَّحَرة سجداً.
بيانه قوله تعالى :﴿ وَأَن يُحْشَرَ الناس ضُحًى ﴾ [ طه : ٥٩ ].
وقال أهل المعاني فيه وفي أمثاله : فهي إضمار، مجازه ورب الضحى.
و﴿ سجى ﴾ معناه : سكن ؛ قاله قتادة ومجاهد وابن زيد وعكرمة.
يقال : ليلة ساجية أي ساكنة.
ويقال للعين إذا سكن طرفها : ساجية.
يقال : سجا الليل يسجو سَجْواً : إذا سكن.
والبحر إذا سجا : سكن.
قال الأعشى :
فما ذنبنا أن جاش بحر ابن عمكم...
وبحرك ساجٍ ما يوارِي الدعامِصا
وقال الراجز :
يا حَبَّذَا القَمْراءُ والليلُ الساجْ...
وطُرُق مِثلُ مِلاءِ النسّاجْ
وقال جرير :
ولقد رمينَك يوم رُحْن بأعينٍ...
ينظرن من خِلَل الستور سواجي
وقال الضحاك :"سجا" غطَّى كل شيء.
قال الأصمعيّ : سَجْو الليل : تغطيته النهار ؛ مثلما يُسَجَّى الرجل بالثوب.
وقال الحسن : غشى بظلامه ؛ وقاله ابن عباس.
وعنه : إذا ذهب.
وعنه أيضاً : إذا أظلم.
وقال سعيد بن جبير : أقبل ؛ وروي عن قتادة أيضاً.
وروى ابن أبي نَجيح عن مجاهد :"سجا" استوى.
والقول الأوّل أشهر في اللغة :"سجا" سكن ؛ أي سكن الناس فيه.
كما يقال : نهار صائم، وليل قائم.
وقيل : سكونه استقرار ظلامه واستواؤه.
ويقال :"والضحى.
والليلِ إذا سَجَا" : يعني عباده الذين يعبدونه في وقت الضحى، وعباده الذين يعبدونه بالليلِ إذا أظلم.


الصفحة التالية
Icon