ويقال :"الضحى" : يعني نور الجنة إذا تنوّر.
"والليل إذا سجا" : يعني ظلمة الليل إذا أظلم.
ويقال :"والضحى" : يعني النور الذي في قلوب العارفين كهيئة النهار.
"والليلِ إذا سجا" : يعني السواد الذي في قلوب الكافرين كهيئة الليل ؛ فأقسم الله عز وجل بهذه الأشياء.
﴿ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ ﴾ : هذا جواب القسم.
وكان جبريل عليه السلام أبطأ على النبيّ ﷺ، فقال المشركون : قلاه الله وودّعه ؛ فنزلت الآية.
وقال ابن جريج : احتبس عنه الوحي اثني عشر يوماً.
وقال ابن عباس : خمسة عشر يوماً.
وقيل : خمسة وعشرين يوماً.
وقال مقاتل : أربعين يوماً.
فقال المشركون : إن محمداً ودّعه ربه وقلاه، ولو كان أمره من الله لتابع عليه، كما كان يفعل بمن كان قبله من الأنبياء.
وفي البخاريّ عن جندب بن سفيان قال : اشتكى رسول الله ﷺ، فلم يقُم ليلتين أو ثلاثاً ؛ فجاءت امرأة فقالت : يا محمد، إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك، لم أره قرِبَك منذ ليلتين أو ثلاث ؛ فأنزل الله عز وجل :﴿ والضحى * والليل إِذَا سجى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قلى ﴾.
وفي الترمذيّ " عن جندب البجليّ قال : كنت مع النبيّ ﷺ في غار فدمِيت إصبعه، فقال النبيّ ﷺ :"هَلْ أَنْتِ إِلاَّ إِصْبَعٌ دَمِيتِ، وفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ" قال : وأبطأ عليه جبريل فقال المشركون : قد وُدِّعَ محمد ؛ فأنزل الله تبارك وتعالى :﴿ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قلى ﴾ " هذا حديث حسن صحيح.
لم يذكر الترمذي :" فلم يَقُم ليلتين أو ثلاثاً " أسقطه الترمذيّ.
وذكره البخاري، وهو أصح ما قيل في ذلك.
والله أعلم.