" لك الجنة " فانغمس في جماعة العدو فقتلوه بين يدي رسول الله، وأن رجلاً من الأنصار ألقى درعاً كانت عليه حين ذكر النبي عليه الصلاة والسلام الجنة ثم انغمس في العدو فقتلوه والثالث : روي أن رجلاً من الأنصار تخلف عن بني معاوية فرأى الطير عكوفاً على من قتل من أصحابه، فقال لبعض من معه سأتقدم إلى العدو فيقتلونني ولا أتخلف عن مشهد قتل فيه أصحابي، ففعل ذلك فذكروا ذلك للنبي ﷺ، فقال فيه قولا حسناً الرابع : روي أن قوماً حاصروا حصناً، فقاتل رجل حتى قتل فقيل ألقى بيده إلى التهلكة فبلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذلك فقال : كذبوا أليس يقول الله تعالى ﴿وَمِنَ الناس مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابتغاء مَرْضَاتِ الله﴾ [البقرة : ٢٠٧] ولمن نصر ذلك التأويل أن يجيب عن هذه الوجوه فيقول : إنا إنما حرمنا إلقاء النفس في صف العدو إذا لم يتوقع إيقاع نكاية منهم، فإما إذا توقع فنحن نجوز ذلك، فلم قلتم أنه يوجد هذا المعنى في هذه الوقائع الوجه الثالث : في تأويل الآية أن يكون هذا متصلاً بقوله :﴿الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قِصَاصٌ﴾ [البقرة : ١٩٤] أي فإن قاتلوكم في الشهر الحرام فقاتلوهم فيه فإن الحرمات قصاص، فجازوا اعتداءهم عليكم ولا تحملنكم حرمة الشهر على أن تستسلموا لمن قاتلكم فتهلكوا بترككم القتال فإنكم بذلك تكونون ملقين بأيديكم إلى التهلكة الوجه الرابع : في التأويل أن يكون المعنى : أنفقوا في سبيل الله ولا تقولوا إنا نخاف الفقر إن أنفقنا فنهلك ولا يبقى معنا شيء، فنهوا أن يجعلوا أنفسهم هالكين بالإنفاق، والمراد من هذا الجعل والإلقاء الحكم بذلك كما يقال جعل فلان فلاناً هالكاً وألقاه في الهلاك إذا حكم عليه بذلك الوجه الخامس : ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة هو الرجل يصيب الذنب الذي يرى أنه لا ينفعه معه عمل فذاك هو إلقاء النفس إلى التهلكة فالحاصل أن معناه النهي عن القنوط عن رحمة


الصفحة التالية
Icon