الله لأن ذلك يحمل الإنسان على ترك العبودية والإصرار على الذنب الوجه السادس : يحتمل أن يكون المراد وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا ذلك الإنفاق في التهلكة والإحباط، وذلك بأن تفعلوا بعد ذلك الإنفاق فعلاً يحبط ثوابه إما بتذكير المنة أو بذكر وجوه الرياء والسمعة، ونظيره قوله تعالى :﴿وَلاَ تُبْطِلُواْ أعمالكم﴾ [محمد : ٣٣ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٥ صـ ١١٧﴾
فائدة
وقوع فعل ﴿تلقوا﴾ في سياق النهي يقتضي عموم كل إلقاء باليد للتهلكة أي كل تسبب في الهلاك عن عمد فيكون منهياً عنه محرماً ما لم يوجد مقتض لإزالة ذلك التحريم وهو ما يكون حفظه مقدماً على حفظ النفس مع تحقق حصول حفظه بسبب الإلقاء بالنفس إلى الهلاك أو حفظ بعضه بسبب ذلك. فالتفريط في الاستعداد للجهاد حرام لا محالة لأنه إلقاء باليد إلى التهلكة، وإلقاء بالأمة والدين إليها بإتلاف نفوس المسلمين. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٢١٥﴾
قوله تعالى :﴿وَأَحْسِنُواْ إِنَّ الله يُحِبُّ المحسنين ﴾
قال الفخر :
قوله :﴿وَأَحْسِنُواْ﴾ فيه وجوه أحدها : قال الأصم : أحسنوا في فرائض الله وثانيها : وأحسنوا في الإنفاق على من تلزمكم مؤنته ونفقته، والمقصود منه أن يكون ذلك الإنفاق وسطاً فلا تسرفوا ولا تقتروا، وهذا هو الأقرب لاتصاله بما قبله ويمكن حمل الآية على جميع الوجوه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٥ صـ ١١٧﴾
وقال ابن عاشور :
الإحسان فعل النافع الملائم، فإذا فعل فعلاً نافعاً مؤلماً لا يكون محسناً فلا تقول إذا ضربت رجلاً تأديباً : أحسنت إليه ولا إذا جاريته في ملذات مضرة أَحسنت إليه، وكذا إذا فعل فعلاً مضراً ملائماً لا يسمى محسناً.
وفي حذف متعلق ﴿أحسنوا﴾ تنبيه على أن الإحسان مطلوب في كل حال ويؤيده قوله ﷺ في الحديث الصحيح :" إن الله كتب الإحسان على كل شيء ".


الصفحة التالية
Icon