فصل


قال الفخر :
﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٦) ﴾
وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
وجه تعلق هذه الآية بما قبلها أن المشركين كانوا يعيرون رسول الله ﷺ بالفقر، ويقولون : إن كان غرضك من هذا الذي تدعيه طلب الغنى جمعنا لك مالاً حتى تكون كأيسر أهل مكة، فشق ذلك على رسول الله ﷺ حتى سبق إلى وهمه أنهم إنما رغبوا عن الإسلام لكونه فقيراً حقيرًا عندهم، فعدد الله تعالى عليه مننه في هذه السورة، وقال :﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ﴾ [ الشرح : ١، ٢ ] أي ما كنت فيه من أمر الجاهلية، ثم وعده بالغنى في الدنيا ليزيل عن قلبه ما حصل فيه من التأذي بسبب أنهم عيروه بالفقر، والدليل عليه دخول الفاء في قوله :﴿فَإِنَّ مَعَ العسر يُسْراً﴾ كأنه تعالى قال لا يحزنك ما يقول وما أنت فيه من القلة، فإنه يحصل في الدنيا يسر كامل.
المسألة الثانية :
قال ابن عباس : يقول الله تعالى : خلقت عسراً واحداً بين يسرين، فلن يغلب عسر يسرين، وروى مقاتل عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال :" لن يغلب عسر يسرين " وقرأ هذه الآية، وفي تقرير هذا المعنى وجهان الأول : قال الفراء والزجاج : العسر مذكور بالألف واللام، وليس هناك معهود سابق فينصرف إلى الحقيقة، فيكون المراد بالعسر في اللفظين شيئاً واحداً.


الصفحة التالية
Icon