وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
﴿ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١) ﴾
قال أكثر المفسرين : هو التين الذي يأكله الناس ﴿ والزيتون ﴾ الذي يعصرون منه الزيت، وإنما أقسم بالتين ؛ لأنه فاكهة مخلصة من شوائب التنغيص، وفيها أعظم عبرة لدلالتها على من هيأها لذلك، وجعلها على مقدار اللقمة.
قال كثير من أهل الطب : إن التين أنفع الفواكه للبدن، وأكثرها غذاء، وذكروا له فوائد، كما في كتب المفردات والمركبات، وأما الزيتون، فإنه يعصر منه الزيت الذي هو إدام غالب البلدان ودهنهم، ويدخل في كثير من الأدوية.
وقال الضحاك : التين المسجد الحرام، والزيتون المسجد الأقصى.
وقال ابن زيد : التين مسجد دمشق، والزيتون مسجد بيت المقدس ؛ وقال قتادة : التين الجبل الذي عليه دمشق، والزيتون الجبل الذي عليه بيت المقدس.
وقال عكرمة، وكعب الأحبار : التين دمشق، والزيتون بيت المقدس.
وليت شعري ما الحامل لهؤلاء الأئمة على العدول عن المعنى الحقيقي في اللغة العربية، والعدول إلى هذه التفسيرات البعيدة عن المعنى، المبنية على خيالات لا ترجع إلى عقل ولا نقل.
وأعجب من هذا اختيار ابن جرير للآخر منها مع طول باعه في علم الرواية والدراية.
قال الفراء : سمعت رجلاً يقول : التين جبال حلوان إلى همدان، والزيتون جبال الشام.
قلت : هب أنك سمعت هذا الرجل، فكان ماذا؟ فليس بمثل هذا تثبت اللغة، ولا هو نقل عن الشارع.
وقال محمد بن كعب : التين مسجد أصحاب الكهف، والزيتون مسجد إيلياء.
وقيل : إنه على حذف مضاف، أي : ومنابت التين والزيتون.
قال النحاس : لا دليل على هذا من ظاهر التنزيل، ولا من قول من لا يجوِّز خلافه.
﴿ وَطُورِ سِينِينَ ﴾ هو الجبل الذي كلم الله عليه موسى اسمه الطور، ومعنى ﴿ سينين ﴾ : المبارك الحسن بلغة الحبشة قاله قتادة.
وقال مجاهد : هو المبارك بالسريانية.