وقد شرحنا هذا في سورة [ المؤمنين : ٢٠ ] قال الزجاج : وقد قرىء هاهنا "وطور سَيْناء" وهو أشبه لقوله تعالى ﴿ وشجرةً تخرج من طُورِ سيناء ﴾ [ المؤمنون : ٢٠ ].
وقال مقاتل : كل جبل فيه شجر مثمر فهو سينين، وسيناء بلغة النبط.
قوله تعالى :﴿ وهذا البلد الأمين ﴾ يعني : مكة يأمن فيه الخائف في الجاهلية، والإسلام قال الفراء : ومعنى "الأمين" الآمن.
والعرب تقول للأمين : آمن.
قال الشاعر :
أَلَمْ تَعْلَمي يا أَسْمَ وَيْحَكِ أَنَّني...
حَلَفْتُ يَمِيناً لا أَخُونُ أَمِينِي
يريد آمني.
قوله تعالى :﴿ لقد خلقنا الإنسان ﴾ هذا جواب القسم.
وفي المراد بالإنسان هاهنا خمسة أقوال.
أحدها : أنه كَلدَة بن أسيد، قاله ابن عباس.
والثاني : الوليد بن المغيرة، قاله عطاء.
والثالث : أبو جهل بن هشام.
والرابع : عتبة، وشيبة، حكاهما الماوردي.
والخامس : أنه اسم جنس، وهذا مذهب كثير من المفسرين، وهو معنى قول مقاتل.
قوله تعالى :﴿ في أحسن تقويم ﴾ فيه أربعة أقوال.
أحدها : في أعدل خلق.
والثاني : منتصب القامة، رويا عن ابن عباس.
والثالث : في أحسن صورة، قاله أبو العالية.
والرابع : في شباب وقوة، قاله عكرمة ﴿ ثم رددناه أسفل سافلين ﴾ فيه قولان.
أحدهما : إلى أرذل العُمُر، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال عكرمة، وإبراهيم، وقتادة.
وقال الضحاك : إلى الهرم بعد الشباب، والضعف بعد القوََّة، والسافلون : هم الضعفاء، والزَّمنى، والأطفال، والشيخ الكبير أسفل هؤلاء جميعاً.
قال الفراء : وإنما قال :"سافلين" على الجمع، لأن الإنسان في معنى جمع.
تقول : هذا أفضل قائم، ولا تقول : قائمين، لأنك تريد واحداً، فإذا لم ترد واحداً ذكرته بالتوحيد وبالجمع.
والثاني : إلى النار، قاله الحسن، وأبو العالية، ومجاهد.
والمعنى : إنا نفعل هذا بكثير من الناس.


الصفحة التالية
Icon