ومعنى ﴿ أسفل سافلين ﴾ قال ابن عباس : أرذل العمر ومثله قول ابن قتيبة : السافلون هم الضعفاء والزمنى ومن لا يستطيع حيلة ولا يجد سبيلاً. قال الفراء : لو قيل " أسفل سافل " حملاً على لفظ الإنسان كان صواباً أيضاً. وقال مجاهد والحسن : هو النار ومثله ما قال علي رضي الله عنه : أبواب جهنم بعضها أسفل من بعض ويبدأ بالأسفل فيملأ. وعلى هذا القول تقدير الكلام رددناه إلى أسفل سافلين أي في أسفل سافلين ﴿ إلا الذين ﴾ الآية. أي الذين استكملوا بحسب القوتين النظرية والعلمية فلهم ثواب دائم غير منقطع. إما بسبب صبرهم على ما ابتوا به من الشيخوخة والهرم والمواظبة على الطاعات بقدر الإمكان مع ضعف البنية وفتور الآلات. او بواسطة حصول الكمالات لهم. فهذا الاستثناء على القول الأول منقطع بمعنى لكن. وعلى الثاني متصل. ولا يبعد أن يكون أيضاً متصلاً والمعنى. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات في حال الاستطاعة فلهم ثواب جزيل في حالة الشيخوخة والضعف وإن لم يقدروا على مثل تلك الأعمال. فكأنهم لم يردوا إلى أسفل من سفل. ثم خاطب الإنسان بقوله ﴿ فما يكذبك بعد بالدين ﴾ يعني فأي شيء يلجئك بعد هذه البيانات إلى أن تكون كاذباً بسبب تكذيب الجزاء، لأن كل مكذب بالحق فهو كذاب، ولا ريب أن خلق الإنسان من نطفة إلى أن يصير كاملاً في الخلق والخلق، ثم تنكيسه إلى حال تخاذل القوى وتقويس الظهر وابيضاض الشعر وتناثره أوضح دليل على قدرة الصانع وحده، ومن قدر على هذا كله لم يعجز عن إعادة مخلوقه بعد تفرق أجزائه. هذا بالنظر إلى القدرة، وأما بالنظر إلى الحكمة والعدالة فإيصال الجزاء إلى المحسن والمسيء والفرق بين الصنفين واجب. وأشار إلى هذا الدليل بقوله ﴿ أليس الله بأحكم الحاكمين ﴾ فأمر المعاد بالنظر إلى القدرة ممكن الوقوع وبالنظر إلى الحكمة والعدل واجب الوقوع. وقال الفراء : الخطاب للنبي ﷺ والمعنى : فمن يكذبك بالجزاء أيها الرسول


الصفحة التالية
Icon