ومرادهُ ببعض الأئمة، شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية عليه الرحمة والرضوان ؛ فإنه ذكر ذلك في كتابه " الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح " ونحن ننقلها زيادة في إيضاح المقام، واهتماماً بتحقيقه، قال رحمه الله فصل شهادة الكتب المتقدمة بنبوته ﷺ : وذلك مثل قوله في التوراة ما قد ترجم بالعربية : جاء الله من طور سيناء. وبعضهم يقول في الترجمة : تجلى الله من طور سيناء وأشرق من ساعير واستعلن من جبال فاران. قال كثير من العلماء - واللفظ لأبي محمد بن قتيبة - : ليس بهذا خفاء على من تدبره، ولا غموض ؛ لأن مجيء الله من طور سيناء، إنزاله التوراة على موسى بطور سيناء، كالذي هو عند أهل الكتاب وعندنا. وكذلك يجب أن يكون إشراقه من ساعير، إنزاله على المسيح الإنجيل. وكان المسيح من ساعير أرض الجليل بقرية تدعى ناصرة، وباسمها تسمى من اتبعهُ نصارى. وكما وجب أن يكون إشراقه من ساعير بالمسيح، فكذلك يجب أن يكون استعلانه من جبال فاران، إنزاله القرآن على محمد ﷺ في جبال فاران، وهي جبال مكة.
قال : وليس بين المسلمين وأهل الكتاب خلاف في أن فاران هي مكة. فإن ادعوا أنها غير مكة - وليس ينكر ذلك من تحريفهم وإفكهم - قلنا أليس في التوراة أن إبراهيم أسكن هاجر وإسماعيل فاران ؟ وقلنا : دلُّونا على الموضع الذي استعلن الله منه واسمهُ فاران، والنبيّ الذي أنزل عليه كتاباً بعد المسيح، أو ليس استعلن وعلن بمعنى واحد وهما : ظهر وانكشف. فهل تعلمون ديناً ظهر ظهور الإسلام وفشا في مشارق الأرض ومغاربها فشوّه ؟.
وقال أبو هاشم بن طفر : ساعير جبل بالشام، منهُ ظهرت نبوة المسيح عليه السلام.