التي ينبت فيها ذلك، ومنها بعث المسيح وأنزل عليه فيها الإنجيل، وأقسم بطور سيناء وهو الجبل الذي كلم الله موسى وناداهُ فيه من واديه الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة، وأقسم بهذا البلد الأمين وهو مكة الذي أسكن إبراهيم ابنه إسماعيل وأمهُ هاجر فيه. وهو الذي جعله الله حرماً آمناً ويتخطف الناس من حوله، وجعله آمناً خلقاً وأمراً قدراً وشرعاً.
ثم قال ابن تيمية : فقوله تعالى :﴿ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ ﴾ إقسام منه بالأمكنة الشريفة المعظمة الثلاثة التي ظهر فيها نوره وهداهُ، وأنزل فيها كتبه الثلاثة : التوراة والإنجيل والقرآن. كما ذكر الثلاثة في التوراة بقوله : جاء الله من طور سيناء، وأشرق من ساعير، واستعلن من جبال فاران.
ولما كان ما في التوراة خبراً عنها، أخبر بها على ترتيبها الزماني، فقدم الأسبق فالأسبق وأما في القرآن، فإنه أقسم بها تعظيماً لشأنها ؛ وذلك تعظيم لقدرته سبحانه وآياته وكتبه ورسله، فأقسم بها على وجه التدريج درجة بعد درجة، فختمها بأعلى الدرجات، فأقسم أولاً بالتين والزيتون، ثم بطور سينين، ثم بمكة ؛ لأن أشرف الكتب الثلاثة القرآن ثم التوراة ثم الإنجيل، وكذلك الأنبياء فأقسم بها على وجه التدريج كما في قوله :


الصفحة التالية
Icon