فصل فى التفسير الموضوعى للسورة كاملة
قال الشيخ محمد الغزالى :
سورة التين
" والتين والزيتون * وطور سينين * وهذا البلد الأمين ". أيمان أربع متتابعة على أن الله خلق الإنسان فى أحسن تقويم. والتين والزيتون ثمرات معروفة ويرى جماعة من العلماء أن الله أراد القسم بهذا الثمر، ولو أقسم بغيره جاز، فكل ما تنبت الأرض من دلائل القدرة. وهل أروع وأبرع من أن ينشق الطين عن طعم حلو ورائحة زكية ولون زاه؟ ولعله مروى ومسمد بالأقذاء. من الذى أخرج من الحمأ المسنون هذه الثمرات الشهية؟ إنه الله. ويرى المحققون أن القسم هو بمواطن الشرائع الأولى، وهذا أوفق فى الجمع بينها. ويؤيده ما روى عن ابن عباس أن التين هو مسجد نوح الذى بناه على الجودى بعد انتهاء الطوفان. وأن الزيتون هو المسجد الأقصى الذى بناه إبراهيم بعدما بنى الكعبة. وطور سنين مكان تجلى الله على موسى وتشريفه بالرسالة. والبلد الأمين مكة موطن الإسلام ومشرق أنواره. والمقسم عليه هو خلق الإنسان فى أحسن تقويم! هل حسن التقويم صورته الحسنة وقامته المديدة؟ لا، ليس ذاك ما يشرف به الإنسان. وفى الحديث "إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم ". قد يكون القوام الممشوق بعض ما امتاز به بنو آدم، ولكن امتيازهم الأول، ولعله أيضا الأخير، هو ذكاء العقل واستقامة الفطرة. إن نفخة من روح الله الأعلى سرت فى أوصال الإنسان فجعلته كائنا خطير الشأن، وفى تكوينه الأول إشارة إلى أنه يولد بالتوحيد، والاستقامة؟ ثم تعدو عليه البيئة الرديئة، فإذا هو يميل ويعوج وينسى أصله الرفيع. وفى