أما التين فإنه طيب الظاهر والباطن وثانيها : أن الأشجار ثلاثة : شجرة تعد وتخلف وهي شجرة الخلاف، وثانية تعد وتفي وهي التي تأتي بالنور أولاً بعده بالثمر كالتفاح وغيره، وشجرة تبذل قبل الوعد، وهي التين لأنها تخرج الثمرة قبل أن تعد بالورد، بل لو غيرت العبارة لقلت هي شجرة تظهر المعنى قبل الدعوى، بل لك أن تقول : إنها شجرة تخرج الثمرة قبل أن تلبس نفسها بورد أو بورق، والتفاح والمشمش وغيرهما تبدأ بنفسها، ثم بغيرها، أما شجرة التين فإنها تهتم بغيرها قبل اهتمامها بنفسها، فسائر الأشجار كأرباب المعاملة في قوله عليه السلام :" إبدأ بنفسك ثم بمن تعول " وشجرة التين كالمصطفى عليه السلام كان يبدأ بغيره فإن فضل صرفه إلى نفسه، بل من الذين أنثى الله عليهم في قوله :﴿وَيُؤْثِرُونَ على أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ [ الحشر : ٩ ]، وثالثها : أن من خواص هذه الشجرة أن سائر الأشجار إذا اسقطت الثمرة من موضعها لم تعد في تلك السنة، إلا التين فإنه يعيد البذر وربما سقط ثم يعود مرة أخرى ورابعها : أن التين في النوم رجل خير غني فمن نالها في المنام نال مالاً وسعة، ومن أكلها رزقه الله أولاداً وخامسها : روى أن آدم عليه السلام لما عصى وفارقته ثيابه تستر بورق التين، وروى أنه لما نزل وكان متزراً بورق التين استوحش فطاف الظباء حوله فاستأنس بها فأطعمها بعض ورق التين، فرزقها الله الجمال صورة والملاحة معنى وغير دمها مسكاً، فلما تفرقت الظباء إلى مساكنها رأى غيرها عليها من الجمال ما أعجبها، فلما كانت من الغد جاءت الظباء على أثر الأولى إلى آدم فأطعمها من الورق فغير الله حالها إلى الجمال دون المسك، وذلك لأن الأولى جاءت لآدم لا إجل الطمع والطائفة الأخرى جاءت للطمع سراً وإلى آدم ظاهرة، فلا جرم غير الظاهر دون الباطن، وأما الزيتون فشجرته هي الشجرة المباركة فاكهة من وجه وإدام من وجه ودواء من وجه،


الصفحة التالية
Icon