وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
﴿ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١) ﴾
اختلف الناس في معنى ﴿ التين والزيتون ﴾ اللذين أقسم الله تعالى بهما، فقال ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة وإبراهيم وعطاء وجابر بن زيد ومقاتل : هو ﴿ التين ﴾ الذي يؤكل ﴿ والزيتون ﴾ الذي يعصر، وأكل النبي ﷺ مع أصحابه تيناً أهدي إليه، فقال :" لو قلت إن فاكهة أنزلت من الجنة لقلت هذه، لأن فاكهة الجنة بلا عجم، فكلوا فإنه يقطع البواسير وينفع من النقرس "، وقال عليه السلام :" نعم السواك سواك الزيتون ومن الشجرة المباركة هي سواكي وسواك الأنبياء قبلي "، وقال كعب وعكرمة : القسم بمنابتها، وذلك أن ﴿ التين ﴾ ينبت بدمشق، ﴿ والزيتون ﴾ ينبت بإيلياء فأقسم الله تعالى بالأرضين، وقال قتادة : هما جبلان بالشام، على أحدهما دمشق، وعلى الآخر بيت المقدس، وقال ابن زيد :﴿ التين ﴾ مسجد دمشق، ﴿ والزيتون ﴾ مسجد إلياء، وقال ابن عباس وغيره :﴿ التين ﴾ مسجد نوح ﴿ والزيتون ﴾ مسجد إبراهيم، وقيل ﴿ التين والزيتون وطور سينين ﴾، ثلاثة مساجد بالشام، وقال محمد بن كعب القرظي :﴿ التين ﴾ مسجد أصحاب الكهف، و﴿ الزيتون ﴾ مسجد إيلياء، وأما ﴿ طور سينين ﴾، فلم يختلف أنه جبل بالشام كلم الله عليه موسى، ومنه نودي، وفيه مسجد موسى فهو الطور، واختلف في قوله ﴿ سينين ﴾، فقال مجاهد وعكرمة : معناه حسن مبارك، وقيل معناه ذو الشجر، وقرأ الجمهور بكسر السين " سِينين "، وقرأ ابن أبي إسحاق وأبو رجاء بفتح السين وهي لغة بكر وتميم " سَينين "، وقرأ عمربن الخطاب وطلحة والحسن وابن مسعود :" سِيناء " بكسر السين، وقرأ أيضاً عمر بن الخطاب :" سَيناء " بالفتح، و﴿ البلد الأمين ﴾ مكة بلا خلاف، وقيل معنى ﴿ سينين ﴾ : المبارك، وقيل معنى ﴿ سينين ﴾ : شجر واحدتها سينية، قاله الأخفش سعيد بن مسعدة و" أمين " : فعيل من الأمن بمعنى آمن أي آمن من فيه ومن دخله وما فيه من طير وحيوان، والقسم واقع على قوله تعالى :{ لقد