خلقنا الإنسان في أحسن تقويم } ينبغي له، ولا يدفع هذا أن يكون غيره من المخلوقات كالشمس وغيرها أحسن تقويماً منه بالمناسبة، وقال بعض العلماء بالعموم أي ﴿ الإنسان ﴾ أحسن المخلوقات تقويماً، ولم ير قوم الحنث على من حلف بالطلاق أن زوجته أحسن من الشمس، واحتجوا بهذه الآية، واختلف الناس في تقويم الإنسان ما هو؟ فقال النخعي ومجاهد وقتادة : حسن صورته وحواسه، وقال بعضهم : هو انتصاب قامته، وقال أبو بكر بن طاهر في كتاب الثعلبي : هو عقله وإدراكه اللذان زيناه بالتمييز، وقال عكرمة : هو الشباب والقوة، والصواب أن جميع هذا هو حسن التقويم إلا قول عكرمة، إذا قوله يفضل فيه بعض الحيوان، و﴿ الإنسان ﴾ هنا اسم الجنس، وتقدير الكلام في تقويم ﴿ أحسن تقويم ﴾، لأن ﴿ أحسن ﴾ صفة لا بد أن تجري على موصوف، واختلف الناس في معنى قوله تعالى :﴿ ثم رددناه أسفل سافلين ﴾، فقال عكرمة وقتادة والضحاك والنخعي : معناه بالهرم وذهول العقل وتفلت الفكر حتى يصير لا يعلم شيئاً، أنا إن المؤمن مرفوع عنه القلم، والاستثناء على هذا منقطع وهذا قول حسن وليس المعنى أن كل إنسان يعتريه هذا بل في الجنس من يعتريه ذلك وهذه عبرة منصوبة، وقرأ ابن مسعود :" السافلين " بالألف واللام، ثم أخبر أن ﴿ الذين آمنوا وعملوا الصالحات ﴾ وإن نال بعضهم هذا في الدنيا ﴿ فلهم ﴾ في الآخرة ﴿ أجر غير ممنون ﴾، وقال الحسن ومجاهد وقتادة وابن زيد وأبو العالية : المعنى ﴿ رددناه أسفل سافلين ﴾ في النار على كفره ثم استثنى ﴿ الذين آمنوا ﴾ استثناء منفصلاً، فهم على هذا ليس فيهم من يرد أسفل سافلين في النار على كفره، وفي حديث عن أنس قال رسول الله ﷺ :


الصفحة التالية
Icon