سماه أميناً لأنه آمن ؛ كما قال :﴿ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً ﴾ [ العنكبوت : ٦٧ ] فالأمين : بمعنى الآمن ؛ قاله الفرّاء وغيره.
قال الشاعر :
أَلَمْ تَعلَمِي يا أَسْمُ ويْحَكِ أَنَّنِي...
حَلَفْتُ يَمِيناً لا أَخُون أَمِينِي
يعني : آمني.
وبهذا احتج من قال : إنه أراد بالتين دمشق، وبالزيتون بيت المقدِس.
فأقسم الله بجبل دِمَشْق، لأنه مأوى عيسى عليه السلام، وبجبل بيت المقدس، لأنه مَقام الأنبياء عليه السلام، وبمكة لأنها أَثَر إبراهيم ودار محمد صلى الله عليهما وسلم.
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤)
فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعالى :﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان ﴾ هذا جواب القسم، وأراد بالإنسان : الكافر.
قيل : هو الوليد بن المُغيرة.
وقيل : كَلَدَة بن أَسيد.
فعلى هذا نزلت في مُنكري البعث.
وقيل : المراد بالإنسان آدم وذريته.
﴿ في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ وهو اعتداله واستواء شبابه ؛ كذا قال عامة المفسرين.
وهو أحسن ما يكون ؛ لأنه خلق كل شيء مُنْكَباً على وجهه، وخلقه هو مستوياً، وله لسان ذَلِق، ويد وأصابع يقبض بها.
وقال أبو بكر بن طاهر : مزينا بالعقل، مؤدِّيا للأمر، مَهْديًّا بالتمييز، مديد القامة ؛ يتناول مأكوله بيده.
ابن العربيّ :"ليس لله تعالى خلق أحسنُ من الإنسان، فإن الله خلقه حياً عالِما، قادراً مريداً متكلماً، سميعاً بصيراً، مدبراً حكيما.
وهذه صفات الرب سبحانه، وعنها عبَّر بعض العلماء، ووقع البيان بقوله :" إن الله خلق آدم على صُورته " يعني على صفاته التي قدمنا ذكرها.
وفي رواية " على صورة الرحمن " ومن أين تكون للرحمن صورة متشخصة، فلم يبق إلا أن تكون معاني".


الصفحة التالية
Icon