المسألة الثانية :
﴿الرجعى﴾ المرجع والرجوع وهي بأجمعها مصادر، يقال : رجع إليه رجوعاً ومرجعاً ورجعى على وزن فعلى، وفي معنى الآية وجهان : أحدهما : أنه يرى ثواب طاعته وعقاب تمرده وتكبره وطغيانه، ونظيره قوله :﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الله غافلا﴾ إلى قوله :﴿إِنَّمَا يُؤَخّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبصار﴾ [ إبراهيم : ٤٢ ] وهذه الموعظة لا تؤثر إلا في قلب من له قدم صدق، أما الجاهل فيغضب ولا يعتقد إلا الفرح العاجل والقول الثاني : أنه تعالى يرده ويرجعه إلى النقصان والفقر والموت، كما رده من النقصان إلى الكمال، حيث نقله من الجمادية إلى الحياة، ومن الفقر إلى الغنى، ومن الذل إلى العز، فما هذا التعزز والقوة.
المسألة الثالثة :
روي أن أبا جهل قال للرسول عليه الصلاة والسلام : أتزعم أن من استغنى طغى، فاجعل لنا جبال مكة ذهباً وفضة لعلنا نأخذ منها فنطغى، فندع دينناً ونتبع دينك، فنزل جبريل وقال : إن شئت فعلنا ذلك، ثم إن لم يؤمنوا فعلنا بهم مثل ما فعلنا بأصحاب المائدة، فكف رسول الله ﷺ عن الدعاء إبقاء عليهم.
أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (٩) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (١٠)
وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
روي عن أبي جهل لعنه الله أنه قال : هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم ؟ قالوا : نعم، قال : فوالذي يحلف به لئن رأيته لأطأن عنقه، ثم إنه رأى رسول الله ﷺ في الصلاة فنكص على عقبيه، فقالوا له : مالك يا أبا الحكم ؟ فقال : إن بيني وبينه لخندقاً من نار وهولاً شديداً.
وعن الحسن أن أمية بن خلف كان ينهى سلمان عن الصلاة.
واعلم أن ظاهر الآية أن المراد في هذه الآية هو الإنسان المتقدم ذكره، فلذلك قالوا : إنه ورد في أبي جهل، وذكروا ما كان منه من التوعد لمحمد عليه الصلاة والسلام حين رآه يصلي، ولا يمتنع أن يكون نزولها في أبي جهل، ثم يعم في الكل، لكن ما بعده يقتضي أنه في رجل بعينه.