وجواب الشرط محذوف وأتى بحرف الشرط الذي الغالب فيه عدم الجزم بوقوع فعل الشرط مُجاراة لحال الذي ينهى عبداً.
والرؤية هنا علمية، وحُذف مفعولا فعل الرؤية اختصاراً لدلالة ﴿ الذي ينهى ﴾ [ العلق : ٩ ] على المفعول الأول ودلالة ﴿ ينهى ﴾ على المفعول الثاني في الجملة قبلها.
و﴿ على ﴾ للاستعلاء المجازي وهو شدّة التمكن من الهُدى بحيث يشبه تمكنَ المستعلِي على المكان كما تقدم في قوله تعالى :﴿ أولئك على هدى من ربهم ﴾ [ لقمان : ٥ ].
فالضميرَاننِ المستتَران في فعلَي ﴿ كان على الهدى أو أمر بالتقوى ﴾ عائدان إلى ﴿ عبداً ﴾ وإن كانت الضمائر الحافّة به عائدة إلى ﴿ الذي ينهى عبداً إذا صلى ﴾ [ العلق : ٩، ١٠ ] فإن السياق يرد كل ضمير إلى معاده كما في قول عباس بن مرداس :
عُدنا ولولا نَحْنُ أحدقَ جمعُهم
بالمسلمين وأحرَزوا ما جَمَّعوا...
والمفعول الثاني لفعل "رأيتَ" محذوف دل عليه قوله :﴿ ألم يعلم بأن الله يرى ﴾ [ العلق : ١٤ ] أو دل عليه قوله :﴿ ينهى ﴾ المتقدم.
والتقدير : أرأيته.
وجواب :﴿ إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى ﴾ محذوف تقديره : أينهاه أيضاً.
وفُصِلت جملة :﴿ أرأيت إن كان على الهدى ﴾ لوقوعها موقع التكرير لأن فيها تكريرَ التَّعجيب من أحوال عديدة لشخص واحد.
أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٣)
جملة مستأنفة للتهديد والوعيد على التكذيب والتولي، أي إذا كذب بما يُدعى إليه وتولى أتظنه غيرَ عالم بأن الله مطلع عليه.
فالمفعول الأول ل"رأيتَ" محذوف وهو ضمير عائد إلى ﴿ الذي ينهى ﴾ [ العلق : ٩ ] والتقدير : أرأيتَه إن كذب...
إلى آخره.
وجواب ﴿ إن كذب وتولى ﴾ هو ﴿ ألم يعلم بأن الله يرى ﴾ كذا قدر صاحب "الكشاف"، ولم يعتبر وجوب اقتران جملة جواب الشرط بالفاء إذا كانت الجملة استفهامية.


الصفحة التالية
Icon