فصل فى منزلة الحياء
قال ابن القيم :
فصل ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة الحياء
قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ﴾ [ العلق: ١٤ ] وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ [ النساء: ١ ] وقال تعالى: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ [ غافر: ١ وفي الصحيح من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: مر برجل وهو يعظ أخاه في الحياء فقال: "دعه فإن الحياء من الإيمان "
وفيهما عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ "الحياء لا يأتي إلا بخير" وفيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال: " الإيمان بضع وسبعون شعبة أو بضع وستون شعبة فأفضلها: قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان" وفيهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: كان رسول الله ﷺ أشد حياء من العذراء في خدرها فإذا رأى شيئا يكرهه عرفناه في وجهه وفى الصحيح عنه: إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: "إذا لم تستح فاصنع ما شئت" وفي هذا قولان
أحدهما: أنه أمر تهديد ومعناه الخبر أي من لم يستح صنع ما شاء
والثاني: أنه أمر إباحة أي انظر إلى الفعل الذي تريد أن تفعله فإن كان مما لا يستحيى منه فافعله والأول أصح وهو قول الأكثرين وفي الترمذي مرفوعا: "استحيوا من الله حق الحياء قالوا: إنا نستحيي يا رسول الله ﷺ قال: ليس ذلكم ولكن من استحيى من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى وليحفظ البطن وما حوى وليذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيى من الله حق الحياء"